يحلف لا آكل خبزاً، وعادت أكل خبز البر، فإنه يحنث بخبز الشعير والذرة، وإن لم يأكله قطُّ. وقال ابن عبد السلام: ظاهر مسائل الفقهاء اعتبار العرف وإن كان فعلياً.
فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لا يُقْضَى فِيهِ بالْحِنْثِ فَنِيَّتُهُ إِنْ كَانَ قَرِيباً ثُمَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
هذا هو الضرب الثاني؛ يعني: وإن كانت اليمين بغير العتق والطلاق، فإن كانت بالله تعالى أو صيام أو صدقة قبلت منه نية الاحتمال القريب المخالف لظاهر اللفظ والمساوي، ومفهوم كلامه أنه لا يفهم منه إرادة الاحتمال البعيد، والذي ذكره التونسي قبول نيته في هذا القسم مطلقاً، فقال: إن لم يكن بساط حملت يمينه على ظاهر ألفاظ الحالف، إلا أن يدعي نية فيصدق فيما نوى فيه فيما بينه وبين الله تعالى. انتهى.
وهذا هو الظاهر لأنه إنما حمل على الظاهر فيما يقضي فيه بالحنث؛ لما يجب على الحكام من إجراء الأمور على ظواهرها، ولا نظر للقاضي هنا. وقوله: (ثُمَّ َعَلَى مَا تَقَدَّمَ) أي: فإن عدمت نظر إلى البساط ثم للقصد العرفي، ثم الشرعي.
وَإِذَا كَانَ اللََّفْظُ شَامِلاً لِلْمُتَعَدِّدِ مُحْتَمِلاً لأَقَلَّ وَلأَكْثَرَ حَنِثَ بالأَقَلِّ، وَبِالبَعْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَمْ يَبَرَّ إِلا بالْجَمِيعِ اتِّفَاقاً، مِثْلَ: لا أَكَلْتُ رَغِيفاً، وَلا كَلَّمْتُهُ، وَلاَ جَامَعْتُكُنَّ وَلأُجَامِعُكُنَّ
مراده أن اللفظ إذا دل على جمع فإنه يدل على أقل الجمع ويحتمل أكثر، وليس مراده العدد؛ لأنه نص لا احتمال فيه، ومثل بمثالين ليعود الأول منهما على الأول، والثاني على الثاني.
ابن راشد: وهذه العبارة منتقدة؛ لأن لفظ الرغيف إنما يتناول المجموع وإطلاقه على البعض مجاز، بل من باب التعبير بالجزء عن الكل، وما دل حقيقة لا يقال فيه إنه محتمل لأقل أو أكثر والذي ينبغي أن يقال إذا كان اللفظ ظاهراً في الأكثر محتملاً في الأقل.
ابن عبد السلام: وقد يقال إنما يرد هذا إذا كان الاحتمال إنما يقع مع التساوي، وليس بظاهر، بل الاحتمال تارة يكون راجحاً وتارة يكون مرجوحاً، وتارة يكون مساوياً وكلام