ابن عبد البر: وهذا مذهب عمر، وابنه، وعثمان رضي الله عنهم، وبه قال عطاء، ومحمد بن الحسن، واختاره الطحاوي. وروى ابن عبد الحكم عن مالك: ترك الطيب عند الإحرام أحب إلينا. وعلى المذهب فقال الباجي: إن تطيب لإحرامه فلا فدية عليه؛ لأن الفدية إنما تجب بإتلاف الطيب في وقت هو ممنوع من إتلافه، وهذا أتلفه قبل ذلك، وإنما يبقى منه بعد الإحرام الرائحة وليس ذلك بإتلاف، فتجب فيه الفدية. ورأيت لبعض القرويين أن عليه الفدية؛ لأن استدامته بعد الإحرام كابتداء التطيب، فإن كان أراد بذلك أنه ممنوع في الحالتين فهو صحيح، وإن كان أراد به وجوب الفدية فهو غر صحيح؛ لأنه الفدية إنما تجب بإتلاف الطيب أو بلمسه، وأما الانتفاع بريحه فلا تجب به فدية وإن كان ممنوعاً، وكذلك لا تجب الفدية على من مر بالعطارين فشم ريح الطيب.

وَيُكْرَهُ شَمُّ الرَّيْحَانِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَشِبْهِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَنَّثِ وَلا فِدْيَةَ

إنما كره ذلك لأن الرائحة الطيبة تهيج شهوة النساء، ولم يحرم؛ لأنه لا يساوي الطيب المؤنث. و (مِنْ) من قوله: (مِنْ غَيْرِ الْمُؤَنَّثِ) للبيان، واحترز من بعض المذكر وهو الحناء فإن فيه الفدية كما تقدم.

وَفِي مَسِّهِ وَلَمْ يَعْلَقْ، أَوْ إِزَالَتِهِ سَرِيعاً قَوْلان

وفي مس المؤنث فلم يعلق أو عَلِقَ ولكنه أزاله سريعاً قولان بوجوب الفدية وعدمها. ومذهب المدونة اللزوم قال فيها: وإن مس الطيب بيده افتدى، لصق بيده أم لا. وقيده التونسي بالمسك والكافور وشبههما قال: وأما مثل البان والرياحين أو دهن البنفسج أو الورد فليس في مسه فدية. ولكن إن دهن به أو استعط فعليه الفدية انتهى.

والقول بسقوط الفدية لابن القصار فيما إذا أزاله سريعاً، وأحرى أن يقوله فيما إذا لم يعلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015