فإن قلت: قد قالوا هنا لا قدية، وإذا لم يجد إزاراً ولبس سراويل فعليه الفدية فما الفرق؟ قيل: لأنه في الخفين حصلت له الغرامة بالقطع فلم تجمع عليه غرامتان بخلاف السراويل. ولهذا ينبغي إذا اشتراهما مقطوعين أن لا تسقط عنه الفدية.
وَلِلْمَرْأَةِ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ، وَفِي الْقُفَّازَيْنِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَشْهُور
أما لبس الخفين للمرأة فظاهر، إذ هي مأمورة بستر جسدها كله إلا وجهها وكفيها، والمشهور أن عليها في القفازين الفدية للحديث المتقدم. وقال ابن حبيب: لا أبلغ بهما الفدية، لما جاء فيهما من الرخصة عن عائشة رضي الله عنها. والقفازان ما يعمل على صفة الكف من قطن ونحوه؛ ليقي الكف الشعث.
فرع:
كره مالك في المدونة للمرأة لبس القباء في الإحرام وغيره لحرة أو أمة؛ لأنه يصفهن.
وَيَحْرُمُ التطَّيبُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِ مُؤَنَّثِهِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ .....
أما الطيب فمجمع على تحريمه من حيث الجملة. ومقتضى كلامه أن الطيب كله محرم الاستعمال، غير أن في المؤنث منه الفدية، وفيه نظر؛ لأن حكمه بحرمة الطيب مطلقاً مناف لما سيقول. ويكره شم الريحان وغيره من المؤنث. نعم قوله: (من غير المؤنث) يقتضي أن بعض المذكر حرام لإتيانه بـ (مِن) للتبعيض، وهو صحيح. فإن المذكر قسمان مكروه ولا فدية فيه، وهو كالريحان. وقسم محرم وفيه الفدية، وهو الحناء، نص عليه في المدونة وسيأتي. ابن راشد وغيره: والمؤنث ما يظهر ريحه وأثره، والمذكر ما يظهر ريحه ويخفى أثره.
وَلا يَتَطَيَّبُ قَبْلَهُ بِمَا تَبْقَى بَعْدَهُ رَائِحَتُهُ
يعني: لا يتطيب قبل الإحرام بما تبقى رائحته بعده.