ابن الحاج في مناسكه: وله أن يرفع فوق رأسه شيئاً يقيه من المطر، واختلف هل له أن يرفع شيئاً يقيه من البرد؟ فوسع في ذلك مالك في رواية ابن أبي أويس في المدونة، ولم ير ذلك ابن القاسم في المدونة أيضاً. وليس له أن يضعه على رأسه من شدة الحر انتهى.
والأقرب جواز ذلك لما في مسلم وأبي داود والنسائي عن أم الحصين قالت: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً، وأحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر رفع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة. ونقل ابن العربي والمازري عن الرياشي أنه قال: رأيت أحمد بن المعذل الفقيه في يوم شديد الحر، وهو ضاح للشمس، فقلت: يا أبا الفضل هذا أمر قد اختلف فيه ولو أخذت بالتوسعة، فأنشأ يقول:
ضحيت له كي أستظل بظله ... إذ الظل أمسى في القيامة قالصا
فيا أسفى أن كان سعيك باطلاً ... ويا حسرتي إن كان حجك ناقصا
أَمَّا لَوِ اسْتَظَلَّ بِظِلٍ جَانِبِهَا سَائِراً أَوْ نَازِلاً جَازَ وَلا فِدْيَةَ
الضمير في (جَانِبِهَا) عائد على المحارة المفهومة من السياق. وهذا هو المشهور ومنع سحنون أن يستظل بظل المحمل وهو سائر. ونقل ابن بشير في الاستظلال بالبعير قولين.
وَيَجُوزُ أَنْ يَشُدَّ مِنْطَقَتَهُ إِلَى جِلْدِهِ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ لا لِغَيْرِهِ وَله أَنْ يُضِيفَ نَفَقَةَ غَيْرِهِ، فَإِنْ شَدَّهَا لا لِذَلِكَ أَوْ شَدَّهَا عَلَى إِزَارِهِ فَالْفِدْيَةُ ...
قوله: (لا لِغَيْرِهِ) أي: لا يبتدئ شدها للغير، وله أن يضيف نفقة غيره بعد شدها لنفسه، وانظر لو شدها ابتداءً له ولغيره، والأقرب سقوط الفدية؛ لان نفقة غيره تبع كما لو أضاف نفقة غيره بعد نفقته. وحمل ابن عبد السلام: كلام المصنف على انه لا يجوز أن يشدها لنفقته ونفقة غيره. ولم أرد ذلك لغيره. (وإِنْ شَدَّهَا لا لِذَلِكَ) أي: لا لنفسه (أَوْ شَدَّهَا عَلَى إِزَارِهِ) فعليه الفدية.