فَإِنْ حَمَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ لِتِجَارَةٍ فَالْفِدْيَةُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إِلا أَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ ذَلِكَ
هذا الذي احترز عنه بقوله: (ما لا بد منه) والظاهر أن قول أشهب تقييد؛ لأنه إذا كان ذلك عيشه صار ضرورة كخرجه وجرابه. وهو الذي يؤخذ من كلامه في الجواهر؛ لقوله: ولا يرخص له في حمل التجارة. قال أشهب: إلا أن يكون عيشه ذلك.
وقال ابن بشير: إن حمل على رأسه شيئاً. فإن كان مختاراً افتدى. وإن كان مضطراً فإن كان لا يجد حاملاً أو لأنه سبب معاشه. فها هنا قولان: وجوب الفدية وسقوطها انتهى.
وَيَجُوزُ اسْتِظْلالُهُ بِالْبِنَاءِ وَالأَخْبِيَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا يَثْبُتُ، وَفِي الاسْتِظْلالِ بِشْيَءٍ عَلَى الْمَحْمِلِ- وَهُوَ فِيهِ- بِأَعْوَادٍ والاسْتِظْلالِ بِثَوْبٍ على عَصَاً قَوْلانِ ....
قال في الاستذكار: أجمعوا أن للمحرم أن يدخل تحت الخباء، وأن ينزل تحت الشجرة. واختلفوا في استظلاله على دابته وعلى المحمل، فمنعه مالك وأحمد، وقال ابن عمر: أَضحِ لمن أحرمت له. وبعضهم يرفعه عنه. قال مالك: وإن استظل في محمله افتدى. وأجاز ذلك أبو حنيفة والشافعي وغيرهما انتهى.
وحكى غيره أيضاً جواز الاستظلال بالفسطاط والقبة وهو نازل. قال مالك: ولا يعجبني أن يستظل يوم عرفة بشيء. وذكر المصنف الاستظلال بشيء على المحمل (وَهُوَ فِيهِ) أي والمحرم فيه، يريد سواء كان سائراً أو نازلاً قولين، وكذلك ذكر غيره.
واحترز بقوله: (فِيهِ) لأنه كالخباء المضروب، ومَنعُهُ للسائر ونحوه ليحيى ابن عمر. وظاهر المذهب المنع كما حكاه ابن عبد البر. وقال اللخمي: إن لم يكشف ما على المحارة افتدى.
ولهذا قال مالك: إذا كان الرجل عديلاً للمرأة لا يستظل هو وتستظل هي وقاله ابن القاسم. وروي عن مالك: لا يعجبني أن يجعلا عليهما ظلاً، وعسى أن يكون في ذلك بعض السعة إن اضطرا إلى ذلك.