وأمره" رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه الترمذي في تفسير الآية، ورواه الحاكم في مستدركه وصححه، ورواه ابن مردويه في تفسيره من حديث هلال بن فياض، والشرك في طاعته هو امتثال أمره وقبول قوله، وليس ذلك شركاً في العبادة كما قلناه وقررناه، ولكنهما زعما أن الحرث سبب نجاة الولد وسلامة أمه فلذلك أضافا ولدهما إليه، لا على جهة أن الحرث مالكه ومعبوده، وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه مملوكه، كما يستعمل اسم الرب مضافاً إلى من لا يراد أنه معبوده، وكمن نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف على جهة الكرم والتواضع لا على أن الضيف ربه ومعبوده، قال يوسف صلى الله على محمد وعليه وسلم لعزيز مصر إنه ربي، ولم يرد أنه معبوده، فكذلك هنا ولكن المناسب لهما عدم طاعته وعدم قبول قوله وامتثال أمره إذ هو الذي قد غرهما وخدعهما فأخرجهما وفرق بينهما للعداوة الأزلية لهما ولذريتهما أبد الآبدين ودهر الداهرين وبعد يوم الدين.

واتفقوا على عصمة الأنبياء من تعمد الكبائر قبل الوحي وبعده، وتنازعوا هل تقع منهم بعض الصغائر مع التوبة منها أو لا تقع بحال، فقال كثير من المتكلمين من الشيعة والمعتزلة وبعض أهل الحديث من أهل السنة منهم ابن السبكي وغيره لا تقع منهم الصغيرة بحال ولا قبل النبوة ولا بعدها زادت الشيعة لا يمكن وقوعها منهم خطأ ولا عمداً، والصحيح عند السلف وجمهور أهل الفقه والحديث والتفسير لا تقع الصغائر منهم عمداً. واتفقوا على وقوعها منهم سهواً وخطأً. كما نقله السعد التفتازاني في حاشية الكشاف إلاَّ ما يدل على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة فلا يجوز عليهم، واشترط جمع من المحققين أن ينبهوا على ما فعلوه سهواً فينتهوا عنه، وقال قوم من علماء أهل السنة من أهل الحديث من أصحاب الأشعري وغيرهم وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الأنبياء صلوات الله وسلامه علهم أجمعين تقع منهم بعض الصغائر مع التوبة منها والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإذا ابتلي بعض الأكابر بما يتوب منه فذلك لكمال النهاية لا لنقص البداية، كما قال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه، وفي الأثر أن العبد ليعمل السيئة فيدخل بها الجنة، وأن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار، يعني أن السيئة يذكرها ويتوب منها فيدخله ذلك الجنة، والحسنة يعجب بها ويستكبر فيدخله ذلك النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015