البصري رحمه الله تعالى من أنه ليس المراد من سياق الآية آدم وحواء بل المراد من ذلك المشركون من ذريتهما ولهذا قال تعالى {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وذكره تعالى آدم وحواء في أول الآية كالتوطئة لما بعدها من الوالدين وهو كالاسترداد من ذكر الشخص إلى الجنس كما قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ} ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم المزين بها ليست هي التي يرجم بها وإنما هو استطراد من شخص المصابيح أي جنسها وهذا له نظائر في القرآن كثيرة. قال الإمام أبو الحسين بن مسعود البغوي وهذا القول حسن لولا قول السلف مثل عبد الله بن عباس ومجاهد وسعيد بن المسيب وجماعة من المفسرين أنه آدم وحواء، ومعنى ما تأوله الحسن وعكرمة أي جعل أولادهما له شركاء فيما آتاهما بقرينة قوله أيشركون بالجمع فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم كما أقام الأبناء مقام الآباء في إضافة الفعل إلى الأبناء والفاعل إنما هو الآباء كقوله تعالى مخاطباً اليهود الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْل} وقوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً} وأمثال ذلك.

(الرابع) ما قاله ابن كيسان هم الكفار سموا أولادهم بعبد العزى وعبد مناف وعبد شمس وعبد اللات وعبد مناة.

(الخامس) قولنا وعقيدتنا ما قاله السلف واعتقدوه في قوله تعالى جعلا له شركاء فيما آتاهما يعني في طاعته ولم يكن شركهما في عبادته فإن كل اسم معبد لغير الله كعبد الحرث وعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حرام لا يجوز التسمية به باتفاق من يعتد به من أهل العلم، وتحرم طاعة الآمر بذلك فلا يحل التسمية بعبد علي ولا عبد الحسين ولا عبد الكعبة، فكيف بكلب علي وعبد الحرث الذي هو الشيطان، وقد روي ابن أبي شيبة من حديث هانىء بن شريح قال: "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم فسمعهم يسمون رجلاً عبد الحجر فقال: "ما اسمك" قال عبد الحجر فقال رسول الله إنما أنت عبد الله" وقد تقدم حديث عبد الصمد بن عبد الوارث وسمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحرث فعاش فكان ذلك من وحي الشيطان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015