(أحدهما) أن هذه الأحاديث كلها مكذوبة موضوعة باتفاق غالب أهل العلم ولم يجعلها في درجة الضعيف إلاَّ القليل ولذلك تفرد بها الدار قطي عن بقية أهل السنن، والأئمة كلهم يرون بخلافه، ومروياته مقدوح فيها خصوصاً أحاديث زيارة القبر ومروياته فيها وهي أجل حديث روى في هذا الباب من حديث أبي بكر البزار ومحمد ابن عساكر.

(الثاني) أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روي في ذلك شيء لأهل الصحيح ولا السنن ولا الأئمة المصنفين في المسانيد كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره المخالف لأهل الصحيح والتصحيح المميزين بين الحسن والضعيف والموضوع من أهل الترجيح، فالأحاديث المروية في زيارة قبره كقوله من زارني وزار إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة، ومن زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن حج ولم يزرني فقد جفاني، ونحو هذه الأحاديث، كلها مكذوبة موضوعة باتفاق أهل المعرفة إنما رخص في زيارة القبور مطلقاً بعد أن نهى عنها بلا شد رحال وسفر إليها كما ثبت عنه في الصحيح.

(الثالث) نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيداً كما ثبت عنه من غير وجه رواه أبو داود من حديث أبي هريرة، ورواه سعيد بن منصور في سننه من حديث أبي سعيد مولى المهرى، ورواه أيضاً سعيد من حديث الحسن ابن الحسن بن علي كرم الله وجوههم، فكيف يقول لا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم، ثم يقول من حج ولم يزرني فقد جفاني، أو يقول من زار قبري وجبت له شفاعتي، أو يقول لا عذر لمن كانت له سعة من أمتي ولم يزرني، أو يقول من زارني في المدينة متعمداً كان في جواري يوم القيامة، أو نحراً من هذه المختلقات عليه، وليخش المدلي بهذه المختلقات صان الله نبيه صلى الله عليه وسلم عنها أن يكون ممن قال صلى الله عليه وسلم فيه "إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" الحديث. مخرج في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، ولو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نسبه إليه هؤلاء لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد ويلعن فاعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015