العقائد من أهل العلم غير التام، فهذا السفر إليه وقصده لفعل العبادة عنده من الدعاء والصلاة لا ريب في حرمته والإثم فيه عند أهل العلم لا يتخلف عنه متقدمهم ولا متأخرهم للعنه صلى الله عليه وسلم المتخذين قبور أنبيائهم مساجد، واللعنة في كلام الله ورسوله لا تجامع إلاَّ الحرام والإثم لا مجرد الكراهة، ولقوله: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ولأن المسافرين إليه والقاصدينه بعضهم يسميه الحج إلى القبر لحصول المغفرة بذلك. وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي ومن وافقه من متأخري الفقهاء فرادهم السفر المجرد لزيارة القبر لا لقصد فعل العبادة من الصلاة والدعاء عنده، قالوا والحديث مبني على عدم تناوله النهي لزيارته إذا لم يتخذ عيداً ولم يحصل المحظور الذي نهى عنه كما لم يتناول إلى عن السفر إلى الأمكنة التي فيها الولدان والعلماء والمشايخ والأخوان أو بعض المقاصد من الأمور الدينية المباحة. وصدر صالح سلف الأمة وخيارها جعلوا قوله عليه السلام لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني صريحاً في النهي مطلقاً عن قصده من بعد لأن الاجتماع عنده لازم له، وذلك هو المنهي عنه وأيضاً نهيه عليه السلام عن شد الرحال إلى مسجد من المساجد غير الثلاثة مع فضل العبادة الحاصلة في المساجد من صلاة وقراءة واعتكاف، ووجوب قصده تارة على أهل عصره واستحبابه أخرى شامل للنهي عن شد الرحال إلى مجرد زيارة القبور بالأولى إذ ليست زيارتها أفضل عند الله من عبادته في خير بقاع الأرض، وقد نهى عن شد الرحال إليها، فهذه أولى بالنهي قالوا ومن اعتقد أن السفر إلى مجرد القبر أفضل من السفر إلى المسجد أو مثله فهو إما جاهل بشريعة الرسول وإما كافر به. وإذا وجد السفر المشروع إلى مسجد الرسول لفعل العبادة فيه دخلت الزيارة تبعاً فإنها غير مقصودة بشد الرحال إليها بل إلى المسجد نفسه وحينئذ فالزيارة شرعية مجمع على استحبابها بشرط عدم فعل المحظور عند القبر لا صلاة ولا دعاء وهو مستقبل القبر ولا يقصده له وان استقبل القبلة في حال الدعاء ومن لم يفرق بين السفر المشروع إلى مسجده صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره الداخلة تبعاً الشرعية المجمع على استحبابها، وبين السفر إلى غير قبره فهو إما جاهل بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وإما كافر به، وإدلاء صاحب المقدمة واحتجاجه على سنية السفر وشد الرحال إلى مجرد زيارة القبر تارة وقرب وجوبه أخرى باطل من وجوه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015