- الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ) قَوْلُ صَاحِبِ البُرْدَةِ فِي هَمْزِيَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكَ فِي القَلْبِ دَاءٌ) لَيْسَ فِيْهِ مَحْظُوْرٌ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمَ مَعْرِفَةِ القُلُوْبِ!!
وَالجَوَابُ:
1) أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَكَذِبٌ عَلَى رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ فَقَالَ عَنْ نَفْسِهِ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} (طَهَ:7)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوْهُ} (البَقَرَة:235)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُوْنَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} (التَّوْبَة:101) (?)،
وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ: {وَآخَرِيْنَ مِنْ دُوْنِهِمْ لَا تَعْلَمُوْنَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} (الأَنْفَال:60)،
وَفِي الحَدِيْثِ (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُوْنَ إِلَيَّ؛ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيْهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ؛ فَلَا يَأْخُذْهَا) (?)،
وَفِي الحَدِيْثِ (أَلَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ؛ فَأَقُوْلُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ) (?)،
وَكَمَا فِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي رَدِّهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ حَيْثُ قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (?)
2) أَمَّا مَا يُخْبِرُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُمُوْرِ المُغَيَّبَاتِ؛ فَهُوَ بِإِطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى لَهُ عَلَيْهِ - وَلَيْسَ اسْتِقْلَالًا (?) - لِذَلِكَ أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى الإِظْهَارَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَنَفَى عَنْهُ العِلْمَ.
قَالَ تَعَالَى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُوْلٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (الجِنّ:26) (?)، وَقَالَ أَيْضًا سُبْحَانَهُ فِي النَّفْي: {قُلْ لَا أَقُوْلُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعِلْمُ الغَيْبِ} (الأَنْعَام:50).