- قَوْلُهُم (اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ): إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَتَبَرَّكُوا بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ لَا أَنْ يَعْبُدُوْها - وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُم تَرَكُوا عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ وَأَسْلَمُوا - فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّبَرُّكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَمْنُوْعٌ، وَأَنَّهُ كُفْرٌ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ (وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ).
- قَوْلُهُ (اللهُ أَكْبَرُ) (?): فِيْهِ بَيَانُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنَ الكَلَامِ فِيْهِ تَنَقُّصٌ للهِ تَعَالَى، وَهُوَ جَعْلُ نِدٍّ مَعَهُ.
- قَوْلُهُ (كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ لِمُوْسَى): فِيْهِ تَشْبِيْهُ القَوْلِ بِالقَوْلِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شِرْكٌ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}: فِيْهِ بَيَانُ أَنَّ الجَهْلَ سَبَبٌ لِلشِّرْكِ، وَفِيْهِ أَهَمِيِّةُ تَعَلُّمِ التَّوْحِيْدِ وَضَرُوْرَةُ تَعْلِيْمِهِ.
هَذَا وَقَدْ خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ حَدِيْثًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَعْرِفِ التَّوْحِيْدَ إِلَّا مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ يَقُوْلُهَا بِلِسَانِهِ. وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
- فِي الحَدِيْثِ بَيَانُ أَدَبِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم أَنَّهُم سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَفْعَلُوا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ العِبَادَاتِ تَوْقِيْفِيَّةٌ.
- قَوْلُ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ (بِشَجَرٍ أَوْ حَجَرٍ): يَدْخُلُ فِيْهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ فَلَا يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُتعبَّدُ اللهُ تَعَالَى بِمَسْحِهِ وَتَقْبِيْلِهِ - اتِّبَاعًا لِلرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِذَلِكَ تَحْصُلُ بَرَكَةُ الثَّوَابِ.
وَفِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِلرُّكْنِ اليَمَانِيِّ: (أَمَا وَاللهِ إِنِّيْ لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَللرَّمَلِ؟ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ المُشْرِكِيْنَ - وَقَدْ أهلَكَهُمُ اللهُ -، ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ). (?) (?)
- إِنَّ سَبَبَ انْتِشَارِ المُخَالَفَاتِ الشِّرْكيَّةِ بِالتَّبَرُّكِ بِالصَّالِحِيْنَ وَالآثَارِ هُوَ نَتِيْجَةُ صُعُوْبَةِ التَّكَالِيْفِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أُوْلَئِكَ المُتَبَرِّكِيْنَ، فَأَرَادُوا غُفْرَانَ الذُّنُوْبِ وَزِيَادَةَ الحَسَنَاتِ بِأَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَعَمَدُوا إِلَى التَّبَرُّكِ المُبْتَدَعِ بِالآثَارِ المَكَانِيَّةِ وَآثَارِ الصَّالِحِيْنَ.