- قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الحَدِيْثِ القُدُسِيِّ (قَدْ غَفَرْتُ لَهُ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ): مَحْمُوْلٌ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: (?)

1) أَنَّ الإِحْبَاطَ هُوَ لِكَامِلِ عَمَلِهِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَدْ تَعَلَّقَ بِعَمَلِ نَفْسِهِ، وَظَنَّ أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ إِدْلَالًا (?) وَتَحَكُّمًا عَلَى اللهِ تَعَالَى فِي رَحْمَتِهِ، فَكَانَ هَذَا سَبَبًا لِإِبْطَالِ كُلِّ مَا سَبَقَ مِنْ عَمَلِهِ، حَيْثُ فَقَدَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ العِبَادَةِ، وَهُوَ رُكْنُ الذُّلِّ وَالخُضُوْعِ للهِ تَعَالَى.

2) أَنَّ الإِحْبَاطَ هُوَ لِنَوْعِ العَمَلِ الَّذِيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِيْهِ عَلَى ذَلِكَ العَاصِي - الَّذِيْ قَصَّرَ فِيْهِ هَذَا الأَخِيْرُ -، فَيَكُوْنُ الإِحْبَاطُ جُزْئِيًّا مِنْ بَابِ العُقُوْبَةِ عَلَى ذَلِكَ التَّأَلِّي. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

- فِي الحَدِيْثِ دِلَالَةٌ عَلَى وُجُوْبِ التَّحَفُّظِ - عِنْدَ إِنْكَارِ المُنْكَرِ - مِنَ الكَلَامِ الَّذِيْ يَكُوْنَ وَبَالًا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ عِنْدَ إِنْكَارِهِ المُنْكَرَ قَدْ تَحْمِلُهُ الغَيْرَةُ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى العُصَاةِ وَالمُخَالِفِيْنَ بِكَلَامٍ لَا يَصِحُّ شَرْعًا؛ فَيُؤَاخَذُ بِهِ.

- قَوْلُ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ (كَوْنُ النَّارِ أَقْرَبَ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَأَنَّ الجَنَّةَ مِثْلُ ذَلِكَ) يَقْصِدُ حَدِيْثَ (الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ). (?)

- قَوْلُ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ (فِيهِ شَاهِدٌ لِقَوْلِهِ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ) إِلَى آخِرِهِ) يَقْصِدُ حَدِيْثَ (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ - لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا - يَهْوِي بِهَا سَبْعِيْنَ خَرِيْفًا فِي النَّارِ). (?)

- قَوْلُ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَسْأَلَةِ الخَامِسَةِ (أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُغْفَرُ لَهُ بِسَبَبٍ هُوَ مِنْ أَكْرَهِ الأُمُوْرِ إِلَيْهِ) غَيْرُ ظَاهِرِ الدِّلَالَةِ عِنْدِي مِنَ الحَدِيْثِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ دُخُوْلَ ذَلِكَ العَاصِي الجَنَّةَ كَانَ بِسَبَبِ رَحْمَةِ اللهِ؛ وَلَيْسَ بِسَبَبِ إِنْكَارِ ذَلِكَ العَابِدِ عَلَيْهِ.

لَكِنَّ هَذِهِ المَسْأَلَةِ صَحِيْحَةٌ مِنْ حَيْثُ الجُمْلَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ} (البَقَرَة:216).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015