- المَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ) أَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانوا عَامِلِيْنَ بِه) (?)، وَقَوْلِهِ أَيْضًا (إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ - حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ - فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا) (?) دِلَالَةٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِالقَدَرِ عَلَى الأَعْمَالِ؟!
الجَوَابُ: لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ:
1) مَقْصُوْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيْثِ الأَوَّلِ هُوَ أَنْ لَا تَحْكُمُوا عَلَيْهِم بِالنَّارِ بِسَبَبِ كُفْرِ آبَائِهِم، إِذْ لَمْ يَبْلُغُوا فَيَكْفُرُوا، وَلَا تَحْكُمُوا عَلَيْهِم بِمِيْثَاقِ الفِطْرَةِ الَّتِيْ وُلِدُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُم لَمْ يَبْلُغُوا فَيُؤْمِنُوا. (?)
وَأَمَّا حَدِيْثُ (وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُوْنَ - مِنَ المُشْرِكِيْنَ - فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ: (هُمْ مِنْهُمْ)) (?) فَالمَقْصُودٌ بِهِ أَنَّهُم فِي الدُّنْيَا يُعَامَلُوْنَ مُعَامَلَةَ آبَائِهِم الكُفَّارِ.
2) قَوْلَهُ فِي الحَدِيْثِ الثَّانِي (فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ): لَا يَعني أنَّهُ أُجْبِرَ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَحَوُّلِ عَمَلِ الرَّجُلِ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ عِلْمَ اللهَ تَعَالَى سَابِقٌ لِعَمَلِ الرَّجُلِ. كَمَا فِي الحَدِيْثِ ((لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، فَإِنَّ العَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ - لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّةَ - ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا. وَإِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ البُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّءٍ - لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ - ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا. وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ). قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ: (يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ)). (?)