4) أَنَّ مِمَّا عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَعْمَى أَنْ يَقُوْلَهُ هُوَ (وَشَفِّعْنِي فِيْهِ) (?) أَي اقْبَلْ شَفَاعَتِي؛ أَيْ: دُعَائِي، فَلَو حُمِلَ التَّوَجُّهُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الذَّاتِ وَالجَاهِ لَمَا كَانَ لِقَوْلِ الضَّرِيرِ هَذَا مَعْنَىً، وَأَمَّا لَو حُمِلَ عَلَى الدُّعَاءِ لَكَانَ المَعْنَى وَاضِحًا مُسْتَقِيْمًا؛ أَنَّهُ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى أَنْ تُقْبَلَ شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: دُعَاءَهُ فِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
5) أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ ذَكَرَهُ العُلَمَاءُ فِي مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ المُسْتَجَابِ، وَلَو كَانَ المُرَادُ مِنْهُ التَّوَسُّلَ بِالذَّاتِ لَمَا أَوْرَدَهُ عُلَمَاءُ الحَدِيْثِ فِي بَابِ مُعْجِزَاتِ الأَنْبِيَاءِ (?)، فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ دِلَالَةً صَرِيْحَةً عَلَى أَنَّ المَقْصُوْدَ مِنَ الحَدِيْثِ بَيَانُ دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ التَّوَسُّلَ بِالجَاهِ وَالذَّاتِ الَّذِيْ لَا يَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَأَمَّلْ. (?)
6) لَو كَانَ المَقْصُوْدُ مِنْ حَدِيْثِ الضَّرِيْرِ هُوَ التَّوَسُّلُ بِالذَّاتِ وَالجَاهِ لَتَوَاتَرَ عَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ؛ كَيفَ وَهُوَ مِنَ الوَسِيْلَةِ المَأْمُورِ بِهَا - كَمَا يَقْصِدُ بِهِ المُبْتَدِعَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيْلَةَ} - وَحَيثُ أَنَّهُ لَم يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيْلٌ صَحِيْحٌ مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ يَبْدُو جَلِيًّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ المَقْصُوْدُ بِالَحَدِيْثِ، وَالحَمْدُ للهِ.
- فَائِدَة 1) أمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِيْ وَرَدَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيْخِهِ فِي آخِرِ الحَدِيْثِ وَهيَ (وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ) فَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ. (?)
وَلَو صَحَّتْ لَمْ تَكُنْ دَلِيْلًا عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُوْنَ مَعْنَى قَوْلِه (فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ) يَعني مِنْ إِتْيَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَطَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَالتَّوَسُّلِ بِهِ وَالتَّوَضُّؤِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ الَّذِيْ عَلَّمَهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُو بِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
- فَائِدَة 2) أَمَّا الزِّيَادَةُ الثَّانِيَةُ وَهيَ قِصَّةُ الرَّجُلِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَتَوَسُّلِهِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ، وَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانيُّ فِي المُعْجمِ الصَّغِيْرِ وَالكَبِيْرِ (?)، فَهِيَ قِصَّةٌ ضَعِيْفَةٌ مُنْكَرَةٌ. (?)