وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُوْنَ} (الزُّمَر:38).
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَىَ رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ. فَقَالَ: (مَا هَذِهِ؟) قَالَ: مِنَ الوَاهِنَةِ. فَقَالَ: (انْزِعْهَا, فَإِنَّهَا لَا تَزِيْدُكَ إِلَّا وَهْنًا، فإنَّكَ لوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ؛ مَا أَفْلَحَتَ أَبَدًا). رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ. (?)
وَلَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوْعًا: (مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيْمَةً؛ فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ، ومَنْ تَعلَّقَ وَدَعَةً؛ فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ). (?)
وَفِيْ رِوَايَةٍ: (مَنْ تَعلَّقَ تَمِيْمَةً، فَقَدْ أَشْرَكَ). (?)
وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ خَيْطٌ مِنَ الحُمَّى؛ فَقَطَعَهُ، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُوْنَ} (يُوْسُف: 106). (?)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: التَّغْلِيْظُ فِي لُبْسِ الحَلْقَةِ وَالخَيْطِ وَنَحْوِهِمَا لِمِثْلِ ذَلِكَ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَوْ مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ؛ مَا أَفْلَحَ، فِيْهِ شَاهِدٌ لِكَلَامِ الصَّحَابَةِ أَنَّ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ أَكْبَرُ مِنَ الكَبَائِرِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَمْ يُعْذَرْ بِالجَهَالَةِ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ فِي العَاجِلَةِ؛ بَلْ تَضُرُّ، لِقَوْلِهِ (لَا تَزِيْدُكَ إِلَّا وَهْنًا).
الخَامِسَةُ: الإِنْكَارُ بِالتَّغْلِيْظِ عَلَى مَنْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
السَّادِسَةُ: التَّصْرِيْحُ بِأَنَّ مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا؛ وُكِلَ إِلَيْهِ.
السَّابِعَةُ: التَّصْرِيْحُ بِأَنَّ مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيْمَةً؛ فَقَدْ أَشْرَكَ.
الثَّامِنَةُ: أَنَّ تَعْلِيْقَ الخَيْطِ مِنَ الحُمَّى مِنْ ذَلِكَ.
التَّاسِعَةُ: تِلَاوَةُ حُذَيْفَةَ الآيَةَ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ يَسْتَدِلُّوْنَ بِالآيَاتِ الَّتِيْ فِي الشِّرْكِ الأَكْبَرِ عَلَى الأَصْغَرِ؛ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي آيَةِ البَقَرَةِ.
العَاشِرَةُ: أَنَّ تَعْلِيْقَ الوَدَعَ مِنَ العَيْنِ مِنْ ذَلِكَ.
الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيْمَةً أَنَّ اللهَ لَا يُتِمُّ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ؛ أَيْ: تَرَكَ اللهُ لَهُ.