- مَسْأَلَةٌ) هَلْ يُقْبَلُ إِسْلَامُ أَيِّ كَافِرٍ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشَّهَادَتَيْنِ؟
الجَوَابُ: الأَصْلُ فِي قَبُوْلِ إِسْلَامِ الكَافِرِ هُوَ قَوْلُ الشَّهَادَتِيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ كَانَ الكَافِرُ لَهُ اعْتِقَادٌ خَاصٌّ سَابِقٌ؛ فَلَا يُقْبَلُ إِسْلَامُهُ مُطْلَقًا حَتَّى يُضِيْفَ إِلَى الشَّهَادَتِيْنِ إِبْطَالَ عَقِيْدَتِهِ الخَاصَّةِ السَّابِقَةِ، كَمَا فِي لَفْظِ الحَدِيْثِ (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ). (?)
فَالبَاطِنِيُّ الَّذِيْ يُؤَلِّهُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَا أَقُوْلُ إِذَا صَلَّى فَقَطْ، - بَلْ وَإِذَا نَطَقَ الشَّهَادَتَيْنِ أَيْضًا - أَنَّهُ يَكُوْنُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا! بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُعْلِنَ بُطْلَانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَابِقًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيْقَةَ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ قَولِهَا، بَلْ وَلَا مُجَرَّدَ إِقَامَةِ مَظَاهِرِ تَوْحِيْدِ اللهِ تَعَالَى؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الكُفْرِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى مِنَ المَعْبُوْدَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوْتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ} (البَقَرَة:256). (?)
قَالَ الإِمَامُ المُجدِّدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ - فِي مَسَائِلِ البَابِ - مِنْ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ: (وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُبَيِّنُ مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ التَّلَفُّظَ بِهَا عَاصِمًا لِلدَّمِ وَالمَالِ، بَلْ وَلَا مَعْرِفَةَ مَعْنَاهَا مَعَ لَفْظِهَا، بَلْ وَلَا الإِقْرَارَ بِذَلِكَ، بَلْ وَلَا كَوْنَهُ لَا يَدْعُوْ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، بَلْ لَا يَحْرُمُ مَالُهُ وَدَمُهُ حَتَّى يُضِيْفَ إِلَى ذَلِكَ الكُفْرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ، فَإِنْ شَكَّ أَوْ تَوَقَّفَ لَمْ يَحْرُمْ مَالُهُ وَدَمُهُ).