- والمُتَشَابِهُ هُنَا (في آيَةِ آلِ عِمْرَانَ) نَوْعَانِ: تَشَابُهٌ نِسْبِيٌّ، وَتَشَابُهٌ مُطْلَقٌ:

1) فَالمُتَشَابِهُ المُطْلَقُ: يَخْفَى عَلى كُلِّ أَحَدٍ - حَتَّى عَلَى الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ - وَلَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ تَعَالَى، وَهَذِهِ مَأْخُوْذَةٌ مِنْ قِرَاءَةِ الوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلَّا اللهُ} (?)، وَذَلِكَ مِثْلُ كَيْفِيَّةِ وَحَقَائِقِ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى، وَحَقَائِقِ مَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ مِنْ نَعِيْمِ الجَنَّةِ وَعَذَابِ النَّارِ (?)، قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي نَعِيْمِ الجَنَّةِ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُوْنَ} (السَّجْدَة:17)، أَيْ: لَا تَعْلَمُ حَقَائِقَ ذَلِكَ - مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ صِفَاتِهَا عُمُوْمًا كَأَنْهَارِهَا وَأَشْجَارِهَا وَثَمَرَاتِهَا وَنِسَائِهَا -، وكَمَا فِي الأَثَرِ (لَيْسَ فِي الجَنَّةِ شَيْءٌ مِمَّا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الأَسْمَاءُ) (?).

وَهَذِهِ الحَقَائِقُ هِيَ مِمَّا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا ضَرُوْرَةٌ وَلَا حَاجَةٌ لِلنَّاسِ فِي تَدَيُّنِهِم وَسُلُوْكِهِم وَعَقِيْدَتِهِم - أَيْ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا عَمَلٌ شَرْعِيٌّ - فَلَو كَانَ لِلنَّاسِ فِيْهَا حَاجَةٌ لَبَيَّنَهَا اللهُ تَعَالَى وَلَمْ يَسْكُتْ عَنْهَا. (?)

2) المُتَشَابِهُ النِّسْبِيُّ: يَخْفَى عَلى أَحَدٍ دُوْنَ أَحَدٍ، وَهَذِهِ مَأْخُوْذَةٌ مِنْ قِرَاءَةِ الوَصْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُوْنَ فِي العِلْمِ يَقُوْلُوْنَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُو الأَلْبَابِ}، فَيَكُوْنُ هَذَا المُتَشَابِهُ مَعْلُومًا أَيْضًا لِلرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ دُوْنَ عُمُوْمِ النَّاسِ، كَمَا فِي التَّفَاسِيْرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: (أَنَا مِنَ الرَّاسِخيْنَ فِي العِلْمِ الَّذِيْ يَعْلَمُوْنَ تَأْوِيْلَهُ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015