4) أَنَّ مَعْنَى (مُحَدَّثٍ) أَصْلًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّ هُنَاكَ مَنْ يُحَدِّثُه، كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلحَدِيْثِ (قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ كَيْفَ مُحَدَّثٌ؟ قَالَ: (تَتَكَلَّمُ المَلَائِكَةُ عَلَى لِسَانِهِ)). (?)

5) أَمَّا عَنْ قِرَاءَةِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَفْسِهَا؛ فَالجَوَابُ عَلَيْهَا هُوَ مِنْ أوجُهٍ: (?)

أ) أَنَّ هَذِهِ القِرَاءَةَ لَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً وَلَا مَعْلُومَةَ الصِّحَّةِ، وَلَا يَجُوْزُ الاحْتِجَاجُ بِهَا فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ. (?)

ب) إِنْ كَانَتْ صَحِيْحَةً؛ فَالمَعْنَى أَنَّ المُحَدَّثَ كَانَ فِيْمَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَكَانُوا يَحْتَاجُوْنَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُنْسَخُ مَا يُلْقِيْهِ الشَّيْطَانُ إِلَيْهِ كَذَلِكَ. وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ لَا تَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِهَذَا كَانَتِ الأُمَمُ قَبْلَنَا لَا يَكفِيْهِم نَبيٌّ وَاحِدٌ؛ بَلْ يُحِيْلُهُم هَذَا النَّبِيُّ فِي بَعْضِ الأُمُوْرِ عَلَى النَّبِيِّ الآخَرِ، وَكَانُوا يَحْتَاجُوْنَ إِلَى عَدَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَيَحْتَاجُوْنَ إِلَى المُحَدَّثِ، وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغْنَاهُم اللهُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ؛ فَكَيْفَ لَا يُغْنِيْهِم عَنِ المُحَدَّثِ! وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ كَانَ فِيْمَنْ كَانَ قَبْلَكُم مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثوْنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ) (?) فَعَلَّقَ ذَلِكَ بِـ (إِنْ)؛ وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِأَنَّهُ عَلِمَ اسْتِغْنَاءَ أُمَّتِهِ عَنْ مُحَدَّثٍ كَمَا اسْتَغْنَتْ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ سَوَاءً كَانَ فِيْهَا مُحَدَّثٌ أَوْ لَا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لِكَمَالِهَا بِرَسُوْلِهَا الَّذِيْ هُوَ أَكْمَلُ الرُّسُلِ وَأَجْمَلُهُم. (?)

ج) أَنَّ المُحَدَّثَ هُوَ المُلْهَمُ، وَالإِلْهَامَ لَا يَعْنِي العِلْمَ بِالغَيْبِ الَّذِيْ اسْتَأْثَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ، وَإنَّمَا هُوَ ظَنٌّ، وَالظَّنُّ لَيْسَ بِعِلْمٍ يَقِيْنِيٍّ. (?) (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015