الجَوَابُ: نَقُوْلُ لَهُ: خَالَفْتَ القُرْآنَ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُوْلُ: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُوْنَ أَيَّانَ يُبْعَثُوْنَ} (النَّمْل:65)،
وَيَقُوْلُ تَعَالَى أَيْضًا: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو} (الأَنْعَام:59).
فَإِنْ قَالَ: إنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِيْ أَطْلَعَهُ عَلَى ذَلِكَ! قُلْنَا لَهُ: أَيْضًا خَالَفْتَ القُرْآنَ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى حَصَرَ ذلِكَ الاطْلَاعَ فِي الرُّسُلِ فَقَط، قَالَ تَعَالَى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُوْلٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (الجِنّ:27). فَيَكُوْنُ ذَلِكَ إِمَّا كَذِبًا، أَو كِهَانَةً وَتَعَامُلًا مَعَ الجِنِّ.
بَلْ إِنْ حَقِيْقَةَ هَذِهِ الدَّعْوَى إِبْطَالُ النُّبُوَّاتِ وَدَعَوَاتِ الأَنْبِيَاءِ، فَاللهُ تَعَالَى جَعَلَ إِطِّلَاعَ عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الغَيْبِ آيَةً عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُ {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُوْنَ وَمَا تَدَّخِرُوْنَ فِي بُيُوْتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ} (آل عِمْرَان:49).