- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) يُشْكِلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى الحَقِّ مَنْصُوْرَةً) مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ كَثِيْرًا مِنَ الَّذِيْنَ كَانُوا عَلَى الحَقِّ قُتِلُوا بِيَدِ أَعْدَائِهِم!

وَالجَوَابُ: أَنَّ نَصْرَهَا هُوَ مِنْ جِهَتَيْنِ:

1) أَنَّهُ بِالحُجَّةِ وَالبُرْهَانِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ظَاهِرِيْنَ عَلَى الحَقِّ)، فَعُلُوُّهُم هُوَ بِالحَقِّ الَّذِيْ مَعَهُم.

2) أَنَّهُ فِي الآخِرَةِ بِالحُكْمِ لَهُم وَلِأَتْبَاعِهِم بِالثَّوَابِ، وَلِمَنْ حَاربَهُم بِشِدَّةِ العِقَابِ. (?)

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (?): (قَدْ أَوْرَدَ أَبُو جَعْفَرٍ؛ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَاَلَّذِيْنَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} (غَافِر:51) سُؤَالًا، فَقَالَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ بَعْضَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَتَلَهُ قَوْمُه بِالكُلِّيَّةِ كَيَحْيَى وَزَكَرِيَّا وَشَعْيَا (?)، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ؛ إِمَّا مُهَاجِرًا كَإِبْرَاهِيْمَ، وَإِمَّا إِلَى السَّمَاءِ كَعِيْسَى، فَأَيْنَ النُّصْرَةُ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُوْنَ الخَبَرُ خَرَجَ عَامًّا وَالمُرَادُ بِهِ البَعْضُ، قَالَ: وَهَذَا سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ المُرَادُ بِالنَّصْرِ الِانْتِصَارَ لَهُمْ مِمَّنْ آذَاهُمْ؛ وَسَوَاءً كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِمْ أَوْ فِي غَيْبَتِهِمْ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، كَمَا فُعِلَ بِقَتَلَةِ يَحْيَى وَزَكَرِيَّا، وَشَعْيَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مَنْ أَهَانَهُمْ وَسَفَكَ دِمَاءَهُمْ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015