وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيْمِ} (التَّوْبَة:129).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُمْ قُبُوْرًا, وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيْدًا, وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ تَسْلِيْمَكُمْ يَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. (?)
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجِيْءُ إِلَى فُرْجَةً كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُ فِيْهَا فَيَدْعُو؛ فَنَهَاهُ، وَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي عَنْ جَدِّيْ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيْدًا، وَلَا بُيُوْتَكُمْ قُبُوْرًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ تَسْلِيْمَكُمْ لَيَبْلُغُنِي أَيْنَ كُنْتُمْ). رَوَاهُ فِي المُخْتَارَةِ. (?)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ (بَرَاءَة).
الثَّانِيَةُ: إِبْعَادُهُ أُمَّتَهُ عَنْ هَذَا الحِمَى غَايَةَ البُعْدِ.
الثَّالِثَةُ: ذِكْرُ حِرْصِهِ عَلَيْنَا وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.
الرَّابِعَةُ: نَهْيُهُ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوْصٍ؛ مَعَ أَنَّ زِيَارَتَهُ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ.
الخَامِسَةُ: نَهْيُهُ عَنْ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ.
السَّادِسَةُ: حَثُّهُ عَلَى النَّافِلَةِ فِي البَيْتِ.
السَّابِعَةُ: أَنَّهُ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِي المَقْبَرَةِ.
الثَّامِنَةُ: تَعْلِيْلُ ذَلِكَ بِأَنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ وَسَلَامَهُ عَلَيْهِ يَبْلُغُهُ - وَإِنْ بَعُدَ -، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا يَتَوَهَّمُهُ مَنْ أَرَادَ القُرْبَ.
التَّاسِعَةُ: كَوْنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَرْزَخِ تُعْرَضُ أَعْمَالُ أُمَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ.