- قَوْلُهُ (وَرُوْحٌ مِنْهُ): أَيْ أنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَغَيْرِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ جَسَدٍ وَرُوْحٍ، لَكِنَّهُ أَضَافَ رُوْحَهُ إِلَيْهِ تَشْرِيْفًا لَهُ وَتَكْرِيْمًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آدَمَ {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيْهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِيْنَ} (الحِجْر:29)، فَـ (مِنْ) هُنَا هِيَ لِلابْتِدَاءِ وَلَيْسَتْ لِلتَّبْعِيْضِ.

وَمَفَادُ الإِضَافَةِ هُنَا التَّشْرِيْفُ وَالتَّكْرِيْمُ وَرَدُّ عَلَى اليَهُوْدِ الَّذِيْنَ زَعَمُوا أَنَّهُ ابْنُ زِنَى، فَالتَّشْرِيْفُ فِي هَذَا المَقَامِ هُوَ تَطْهِيْرٌ لَهُ مِنْ زَعْمِهِم ذَلِكَ (?)، فَلَيْسَ فِيْهَا مُتَمَسَّكٌ لِلنَّصَارَى - الضَّالِّيْنَ - فِي زَعْمِهِم أَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى - وَالعِيَاذُ بِاللهِ -، بَلْ نَزِيْدُهُم إِفْحَامًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُوْنُ} (آل عِمْرَان:59). (?)

- قَوْلُهُ (أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ): يَعْنِي عَلَى الَّذِيْ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ العَمَلِ - وَلَوْ كَانَ مقصِّرًا فِيْهِ وَعِنْدَهُ ذُنُوْبٌ وَعِصْيَانٌ -.

وَقَرِيْبٌ مِنْهُ حَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ - عِنْدَ المَوْتِ - دَخَلَ الجَنَّة يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ؛ وَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ). (?)

- قَوْلُهُ (حَرَّمَ عَلَى النَّارِ): إِنَّ التَحْرِيْمَ عَلَى النَّارِ فِي نُصُوْصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَأْتِي عَلَى دَرَجَتَيْنِ:

1) تَحْرِيْمٌ مُؤَبَّدٌ (مُطْلَقٌ): فَهُوَ لَا يَدْخُلُهَا أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ.

2) تَحْرِيْمٌ بَعْدَ أَمَدٍ: أَيْ رُبَّمَا يَدْخُلُهَا ثُمَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ البَقَاءُ فِيْهَا.

وَالحَدِيْثُ هُنَا يَحْتَمِلُ الدَّرَجَتِيْنِ وَلَكِنْ بِتَوْجِيْهِ كَلِمَةِ التَّوْحِيْدِ مِنْ جِهَةِ كَمَالِهَا، وَمِنْ جِهَةِ آخَرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شَأْنِهَا.

فَمَنْ مَاتَ عَلَيْهَا مُخْلِصًا بِهَا مِنْ قَلْبِهِ؛ مُنَزِّهًا قَلْبَهُ عَنِ الإِصْرَارِ عَلَى المَعَاصِي فَهُوَ الَّذِيْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ مُطْلَقًا، خِلَافًا لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَمْ يَكْمُلْ تَوْحِيْدُ قَلْبِهِ، وَلَمْ يُنَزِّهْهُ عَنْ مَحَبَّةِ المَعَاصِي، وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا.

- حَدِيْثُ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ هُنَا ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ (?)، وَيُغْنِي عَنْهُ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو مَرْفُوْعًا أَنَّ نُوْحًا أَوْصَى ابْنَهُ؛ فَقَالَ: (آمُرُكَ بلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرَضِيْنَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَنَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ أُخْرَى لَرَجَحَتْ بِهِنَّ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015