عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ» قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي البَرَازَ.
(البراز): بالفتح: الفضاء، وبالكسر: نفس الخارج.
(المناصع): بالنون وكسر الصاد المهملة بعدها عين مهملة، جمع "منصع"، وهي أماكن معروفة من ناحية البقيع.
(وهو صعيد أفيح): بحاء مهملة: متسع.
قال ابن حجر: الظاهر أن هذا التفسير من قول عائشة.
(احجب نساءك): امنعهن من الخروج حجابًا لأشخاصهن: مبالغة في الستر، وهذا قاله بعد قوله: "يحجبهن بستر الوجوه"، وموافقة القرآن له في ذلك، ولم يوافق على هذا لأجل الضرورة - قاله ابن حجر.
قلت: فعلى هذا قوله في الحديث، فأنزل الله آية الحجاب وهم من الراوي لأنها إنما نرلت في الأمر بستر الوجوه، ولها قصة أخرى في "الصحيح"، وهي قول عمر: "يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن"، ولا يمكن الجمع بالتعدد، لأن الحجابين مختلفان، ولم تنزل آية الحجاب في منعهن من الخروج، ويؤيد ما قلناه قوله في الحديث الذي يلي هذا: "قد أذن أن تخرجن في حاجتكن"، لكن قال ابن حجر: إن خروج النساء للبراز لم يستمر، بل اتخذت بعد ذلك الأخلية في البيوت فامتنعن عن الخروج أصلًا إلا بضرورة، وهذا يشعر بموافقة عمر في هذا الحجاب أيضًا، ويؤيده ما ذكره القاضي عياض وغيره: أن من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم رؤية أشخاص أزواجه ولو في الأزر تكريمًا له، ولذا لم يكن يصلي على أمهات المؤمنين إذا ماتت الواحدة منهن إلا محارمها لئلا يرى شخصها في الكفن حتى اتخذت القبة على التابوت.