جرى عليهم من الرِّدَّة وتسويل الشيطان، والإملاء لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزَّل الله: سنطيعكم في بعض الأمر.
فإذا كان مَنْ وَعَد المشركين الكارهين لما نزَّل الله بطاعتِهم في بعض الأمر كافراً، وإنْ لم يفعل ما وعدَهُم به. فكيف بمن وافق المشركين الكارهين لما نزَّل الله من الأمر: بعبادته وحدَه لا شريك له ...
وقد قال تعالى في موضعٍ آخر: {يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (?) } .
ففي هاتين الآيتين البيان الواضح: أَنَّه لا عذرَ لأحدٍ في الموافقة على الكفر، خوفاً على الأموال والآباء، والأبناء والأزواجِ والعشائر، ونحو ذلك مما يعتذر به كثيرٌ من النَّاس.
إذا كان لم يرخِّص لأحد في موادَّتهم، واتخاذهم أولياء بأنفسهم: خوفاً منهم وإيثاراً لمرضاتهم. فكيف بمن اتَّخذ الكفار الأباعد أولياء وأصحاباً، وأظهر لهم الموافقة على دينهم، خوفاً على بعض هذه الأمور ومحبَّةً لها؟! ومن العجب استحسانهم لذلك واستحلالهم له. فجمعوا مع الرِّدَّة استحلالَ المحرَّم)) (?) .