فذكر تبارك وتعالى أَنَّه نزَّل على المؤمنين في الكتاب: أَنَّهم إذا سمعوا آياتِ الله يُكْفَر بها، ويُسْتَهْزَأُ بها فلا يقعدوا معهم، حتى يخوضوا في حديثٍ غيره. وأَنَّ من جلس مع الكافرين بآياتِ الله، المستهزئين بها في حالِ كفرهم واستهزائهم فهو مثلُهم ولم يفرِّق بين الخائف وغيره. إلاَّ المٌكْرَه.
هذا وهم في بلد واحدٍ في أوَّل الإسلام. فكيف بمن كان في سَعَة الإسلام وعزِّه وبلاده، فدعا الكافرين بآياتِ الله المستهزئين بها إلى بلادِه، واتَّخذهم أولياءً وأصحاباً وجلساءً وسمع كفرَهم واستهزاءَهم وأقرَّهم. وطرَدَ أهل التوحيد وأبعدَهم؟..!
... قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (?) } .
فحكم تعالى حُكماً لا يبدَّل أنَّ من رجع عن دينِه إلى الكفر، فهو كافرٌ. سواءً كان له عذرٌ: خوفٌ على نفسٍ أو مالٍ أو أهلٍ أم لا. وسواءً كفر بباطنه وظاهره، أمْ بظاهره دون باطنه. وسواءً كفر بفعاله ومقاله، أم بأحدِهما دون الآخر.
وسواءً كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أمْ لا ... فهو كافرٌ على كلِّ حالٍ، إلا المُكرَه. وهو في لغتنا: المغصوب ...