استطعت كتابته وخَلِّف ذلك للأجيال وورِّثهم إياه؛ فإنه كنز عظيم وخلاصة وعصارة تجارب، وقد وعد بعضهم بالاستجابة وأصرَّ آخرون على عدم الكتابة للسببين اللذين سقتهما آنفاً، هذا وقد أوردت شيئاً من ضوابط كتابة الذكريات في الفصل السابق، لكن ناسب المقام هنا إعادة ذكر بعضه.
إن جمهرة كبيرة من العاملين في الساحة الدعوية يشكون من قلة الوقت وكثرة الأعباء، وهذا يعوقهم أحياناً عن كثير من الأعمال المهمة، وهذا يعوقهم أحياناً عن كثير من الأعمال المهمة، وقد يعوقهم عن التفكير الصحيح أحياناً أو تغيير المسار إذا ثبت فشله أو ضعفه، بل إنه قد حصلت مناقشات بيني وبين أحد الدعاة في مسألة الارتقاء بعمله وفتح آفاق فيه، فتعجب الرجل مما سمع، وأظهر الجهل التام بما أقوله وأرشده إليه، على أن ما أقوله - في الحقيقة- لا يمثل شيئاً فريداً، إنما هو حصيلة تأملات في بعض لحظات الصفاء القصيرة، فدهشت لاندهاشه وتعجبت لاستغرابه: كيف لم يفكر في مثل هذا من قبل؟! وهذا الذي مثلت بحاله هو - تقريباً - حال العدد الأكبر من الدعاة في هذا العصر الذي امتلأ بالمشكلات والعقبات والتعقيدات في جوانب كثيرة تلتصق بالداعية نفسه أو ببيئته.