تَنْحَصرُ في الإِيراقِ والاسْتيراقِ، فَيُقالُ: أَوْرَقَ الرَّجُلُ، إِذا كَثُرَ مالُهُ، ويُقالُ: المسْتَورِقُ، لِلَّذي يَطْلبُ الوَرِقَ، وورَّقتِ الشَّجرةُ تَورِيقًا، وَأَوْرَقَتْ إِيْراقًا، إذا أخرجتْ وَرَقَها (?)، ولم يَذكُروا مُصْطَلَحَ التَّوَرُّقِ، وَلَعلَّ الفُقهاءَ وَضَعوا اصْطِلاحَ التَّوَرُّقِ في كتُبهِم لِمَنْ يَتَكلَّفُ الحصولَ على الوَرق، فالتَّوَرُّقُ بِصُورتِهِ التي ذَكروها في كُتُبِهم فيها تَكَلُّفٌ وجهْدٌ للحصولِ على الورق، فأصْلُ التَّوَرُّقِ إذًا طَلَبُ النُّقودِ مِن الفضَّةِ، ثمّ تحوَّلَ المفهومُ إلى طَلَبِ النَّقْدِ عمومًا، سواء أكانَ النَّقدُ فِضةً، أمْ ذَهبًا، أم أوراقًا نقدية، وبذلك نعرفُ أنَّ مدلولَ لَفظِ التَّوَرُّقِ قد توسَّعَ بناءً على التَّوسُّعِ في مفهوم النَّقْدِ (?).
* * *
الجديرُ بالذِّكْرِ أنَّ مصْطلحَ التَوَرُّقِ لم يرِدْ بهذهِ التَّسْميةِ في كتبِ الفُقهاءِ إلا عندَ بَعضِ فقهاءِ الحَنابلةِ، يقولُ شمسُ الدِّينِ بنُ مُفْلِح -رحمه الله-: "وَلَوِ احْتاجَ إلى نَقْدِ ما يُساوي مِئَة بِمئَتَيْن فلا بَأْس، نصَّ علَيه، وهو التَوَرُّقُ" (?). وقال
البهوتيُّ -رحمه الله-: "ولو احتاجَ إنسانٌ إلى نَقْدٍ فاشتَرى ما يساوي مِئَة بمِئة وخمسين مثلًا، فلا بأسَ بذلك، وهي مسألةُ التَّوَرُّقِ" (?) وكذلك المرداويُّ ذَكَرَ التَّوَرُّقَ في كتابه (?).