الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين} إِلَى قَوْله {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فَلَو كَانَ كل مُؤمن مرضيا لم يكن للشّرط فَائِدَة وَكَذَلِكَ قَوْله {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} ثَبت أَن الْمُؤمن يكون عدلا وَغير عدل وَكَذَلِكَ قَوْله {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} ثَبت أَنه قد يكون مِنْهُم رشيد وَغير رشيد وَلَو كَانَ كل مُؤمن عدلا وكل من لَيْسَ بِعدْل لَيْسَ بِمُؤْمِن لَكَانَ لَا شَهَادَة ترد بِالْفِسْقِ بعد الإمتحان وَلَا يجوز السُّؤَال عَن الْأَحْوَال ليعلم بهَا الْعَدَالَة وَالْفِسْق بل على الْمَكَان الَّذِي يسْأَل عَمَّا عَلَيْهِ من الْإِيمَان فِي ذَلِك ويمكنه الْوَفَاء فَيجب قبُول شَهَادَته بِلَا سُؤال عَنهُ وَلَا اعْتِبَار بأحواله وَفِي إِجْمَاع الْأمة على الفحص عَن الْأَحْوَال وَترك النُّزُول على مَا يظْهر من الْأَمْوَال الَّتِي يَكْتَفِي بهَا فِيمَا كَانَ شرائطها الْإِيمَان من الْحل وَالْحُرْمَة والتوارث ثمَّ الْعِبَادَات دَلِيل يبين أَن الْإِيمَان وَمَا بِهِ يصير الْمَرْء مُؤمنا ويستوجب أَحْكَامه لَيْسَ هُوَ كل مَا يبْقى أَنْوَاع الفسوق والعصيان ولاقوة إِلَّا بِاللَّه

وعَلى ذَلِك معنى أَمر هَذِه الْأمة فِي تعاهد الصَّلَوَات فِي الْجَمَاعَات وَالصِّيَام وَإِخْرَاج الزكوات على مَا هم عَلَيْهِ من الإختلاف فِي هتك الحرمات والإنهماك فِي الْمعاصِي ثَبت بِالَّذِي عَلَيْهِ الْأمة عدُول الْمُعْتَزلَة والخوارج عَن الْحق وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

ثمَّ نذْكر مَا ذكر الكعبي فِيمَا احْتج عَلَيْهِ من الْقُرْآن بالحيل المستبعدة ليصرف عَن نَفسه وإتباعه اسْم الْإِيمَان وَيُوجب الْإِيَاس عَن رَحْمَة الله والإختيار لعداوته بكبيرة كَأَنَّهُ بِهِ يحصل على نفع فِي الدُّنْيَا وَحمد فِي الدّين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015