فَمن رام دفع مَا جَاءَ بِهِ من الْخيرَات بسيئات لسن بأضداد لَهُنَّ فَهُوَ جَائِز فِي الحكم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

ثمَّ احْتج بِالْآيَةِ الَّتِي فِيهَا {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه} فِي صَاحب الْكَبِيرَة إِنَّه لَو كَانَ مُؤمنا لَكَانَ لَا يعذب وَلَا يوعد عَلَيْهِ وَالْآيَة ترجع إِلَى وُجُوه أَحدهَا أَن لَا يجْزِيه عَن شَفَاعَة رَسُول الله بل يشفعه فِيهِ وينجيه بهَا وَالثَّانِي أَن يكون ذَلِك عِنْدَمَا يَقُول لَهُم تواهنوا مظالمكم وعَلى معذرتكم وَالثَّالِث أَن يكون لَا يجزيهم خزى الْكَفَرَة من الخلود فِي النَّار إِذْ هُوَ أَنْوَاع كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} وَقَالَ فِي مَوضِع {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْم هَا هُنَا حميم وَلَا طَعَام إِلَّا من غسلين} على اخْتِلَاف الدركات فَمثله على إختلاف الْأَوْقَات وَيحْتَمل لَا يجزى أَي لَا يفضح فيهتك ستره وَذَلِكَ كَذَلِك فِي كل مُؤمن

ثمَّ الَّذِي ينْقض على الْمُعْتَزلَة إبتداء الْآيَة وَهُوَ قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا} ألزمهم التَّوْبَة وَجعلهَا شرطا للمغفرة على إبْقَاء اسْم الْإِيمَان لَهُم والصغائر مغفورة بإجتناب الْكَبَائِر على قَوْلهم ثَبت أَن الْآيَة فِي أَصْحَاب الْكَبَائِر وَقد بقى لَهُم اسْم الْإِيمَان وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَالدَّلِيل على أَن اسْم الْإِيمَان لَا يَزُول بِزَوَال الْعَدَالَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} وَلَو كَانَ كل مُؤمن عدلا لَكَانَ يَقُول إثنان مِنْكُم إِذْ كَانَ ابْتِدَاء الْآيَة فِي مُخَاطبَة الْمُؤمنِينَ ثَبت أَن قد يكون مُؤمنا عدلا وَغير عدل وَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015