يتَعَوَّذ مِنْهُ وَلَو كَانَ يكون بالعصمة زيغ لم يكن يطمئن الْقلب عِنْد الْوُجُود فَثَبت أَن قُوَّة كل نوع من ذَلِك غير قُوَّة النَّوْع الآخر وَثَبت بِمَا يسْأَل الْعِصْمَة والتوفيق كَمَا يسْأَل المعونة والتقوية أَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَة وَاحِد وَأَيْضًا أَنه لَا أحد يُطلق القَوْل فِي الْكَافِر أَنه موفق للْإيمَان مَعْصُوم عَن الْكفْر وَلَا أحد يمْتَنع عَنهُ فِي الْمُؤمن ثَبت أَن معنى ذَلِك المعونة على الْإِيمَان وَالْآخر الخذلان وَأَيْضًا أَن الْقُوَّة إِذْ هِيَ لَا تبقى وَقْتَيْنِ ليصلح بهَا الفعلان وَلَا سَبِيل إِلَى جمع الْفِعْلَيْنِ المتضادين فِي وَقت وَاحِد ثَبت أَن ذَلِك قُوَّة لأَحَدهمَا لَا لَهما وَأَن الَّذِي يكون لَهما يبْقى لاحتمالهما وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا أَن الْقُوَّة لَا يجوز وجودهَا إِلَّا وثمة اخْتِيَار كالنار فِي التحريق والثلج فِي التبريد إِنَّه يَقع بِهِ الَّذِي لَهُ طبع بالإضطرار وَذَلِكَ كالولاية مَعَ الْإِيمَان والعدوان مَعَ الكفران سببهما مُخْتَلف على اخْتِلَافهمَا فَمثله أَمر الْقُوَّة على الْأَمريْنِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ نذْكر طرفا مِمَّا يبين قبح قَول الْمُعْتَزلَة عِنْد التَّحْصِيل وَإِن كَانَ قَوْلهم فِي الْإِطْلَاق قولا لذيذا فِي السّمع يشبه أَن يكون حَقًا وَالله الْمُوفق
وَهُوَ من أَن قَوْلهم أَن الْقُدْرَة لَا تبقى وَقْتَيْنِ وَأَنَّهَا لَيست وَقت الْفِعْل فَوَقع الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة وَلَا قُوَّة لَهُ وَقت وجوده وَذَلِكَ علم الإضطرار وَوُقُوع الْفِعْل بالطبع ثمَّ الدّلَالَة أَن حق مثله الإضطرار أَن فقد جَمِيع الْأَسْبَاب الَّتِي بهَا الْفِعْل لوقته يحِيل الْفِعْل ويوصف صَاحبه بالإضطرار ففوت الْقُدْرَة الَّتِي لَهَا الْفِعْل أَحَق بذلك فصيروه مُضْطَرّا إِلَى مَا يصير بِهِ وليا لله تَعَالَى وعدوا لَهُ عِنْد الإختيار
وَمِمَّا يُوضح ذَلِك أَيْضا أَن من قَوْلهم إِن من أَرَادَ التحرك للْوَقْت الثَّانِي مِنْهُ أَنَّهَا تقع لَا محَالة وَلَا يقدر صرفهَا إِلَّا بِمَنْع من قبل غَيره وَذَلِكَ آيَة الضَّرُورَة ثمَّ وَجَبت الْولَايَة والعداوة بِمثلِهِ وَذَلِكَ وَحش فِي الْعقل