وَقد ثَبت تعاليه عَن الْأَمريْنِ إِذْ هما يسقطان الربوبية ويزيلان التَّدْبِير وَفِي وجود الْعَالم على مَا عَلَيْهِ من دلَالَة غنى صَاحبه وَعلمه بِإِعْطَاء كل شَيْء حَقه دَلِيل إِحَالَة هَذَا الْوَصْف لذَلِك بَطل أَن يُوصف فِي شَيْء من فعله بذلك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ إِذْ كَانَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ مَوْصُوفا بِالْعلمِ وَالْقُدْرَة والجبروت والحياة لذاته لإحالة إحتمال الأغيار وَإِن لم يُوجد فِي الْحُكَمَاء كَذَلِك لم يجب تَقْدِيره فِي أَفعاله على أَفعَال الْحُكَمَاء فِي الشَّاهِد وَجُمْلَة هَذَا الأَصْل أَنه لَا حَكِيم فِي الشَّاهِد إِلَّا وَهُوَ مُحْتَمل للسفه وَكَذَلِكَ الْغنى والقدير يحْتَمل لأضداد تِلْكَ الصِّفَات وَكَانَ بهَا مَوْصُوفا حَتَّى أكْرم بأضدادها فَإِنَّهُ لَهُ مِنْهَا قدر مَا أعْطى مِنْهَا فَهُوَ مَتى رأى السَّفه فِي شَيْء بَين أَن يكون قد أعْطى علم حَقِيقَة الْحِكْمَة فِي ذَلِك أَو لَا أَو بلغ علمه مَا يدْرك حكمته أَو لَا أَو مِمَّا كَانَ من صفته الْقَدِيمَة بَاقِيَة فِيهِ يمْنَع ذَلِك إِيَّاه عَن الْإِحَاطَة بذلك فَلذَلِك تبطل وَجه دَعْوَى العَبْد فِي فعل الله أَن ذَا لَيْسَ بحكمة وَلَا كَذَا وَالَّذِي يُوضح ذَلِك علمه بجهله بِأَكْثَرَ الْأَشْيَاء وَعلمه بحاجته وعجزه فِي أَكثر الْأُمُور وإحاطته بسفهه فِي أغلب الْأَمر وَمن هَذَا وَصفه فِي نَفسه فخوضه فِيمَا لله أَن يفعل عَبث وَجَهل على الْإِشَارَة إِلَيْهِ وَلَيْسَ دون لُزُوم الْجُمْلَة اشْترك فِيهَا الْعُقَلَاء إِذْ ذَلِك حَقِيقَة عمل الْعقل فِي الْجُمْلَة وَقد أعْطى كل ذَلِك عَبث لَا معنى لَهُ وللذي بَينا قَالَ الله تَعَالَى {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} إِذْ فعل كل أحد يحْتَمل السَّفه وَالْحكمَة وَفعله يجل عَن السَّفه وعَلى كل أحد أَمر وَنهى إِذْ هُوَ لغيره فِي