كل الْخلق كَذَلِك وَذَلِكَ كتسمية الهاوية أم أَهلهَا وَالْأَرْض أم أَهلهَا فَمن ذَا الْوَجْه يكون من حَيْثُ المفزع لِلْخلقِ والمعمود إِلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يتَكَلَّم بِمثلِهِ إِلَّا بِإِذن وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
زعم قوم من أهل التَّوْحِيد أَن أَكثر منتحليه خرج مِنْهُ من وَجْهَيْن إِمَّا جهلا بواجبه وَإِمَّا عَجزا عَن تَلْخِيص القَوْل فِيهِ من مَذْهَب الثنوية وَسَائِر الْمُلْحِدِينَ فَزعم قوم أَنه إِذْ كَانَ كل مِمَّا يعقل لغير نفع فعله يَقع فَلَيْسَ بِحَكِيم وَمن فعل فعلا لغير عِلّة فَهُوَ عابث فظنوا أَن لَا يجوز لله أَن يبتدأ فعل ضَرَر بِأحد وَأَن ذَلِك يزِيل الْحِكْمَة عَنهُ فألزموه فِي كل فعل يَفْعَله الْأَصْلَح لغيره فِي الدّين وَالْأَحْسَن لغيره فِي الْعَاقِبَة إِذْ هُوَ متعال عَن قَول يَنْفَعهُ أَو عَن أَن يضرّهُ شَيْء فَلم يرَوا لَهُ الْفِعْل إِلَّا بِمَا ينفع غَيره أَو يدْفع بِهِ الضَّرَر عَن غَيره فَيكون ذَلِك أَيْضا عِلّة فعله على مَا كَانَ عِلّة فعل كل حَكِيم منا مَا تَأمل من نفع عَاجل أَو آجل أَو دفع ضَرَر لزم بِهِ فيجر بذلك حسن الثَّنَاء مَعَ جزيل الثَّوَاب وضربوا لتقدير فعله بِفعل غَيره مثلا بِمَا لَا يجوز أَن يكون مِنْهُ الْكَذِب أَو الْجور أَو يكون مِنْهُ الْحَرَكَة من غير زَوَال أَو السّكُون من غير قَرَار فَثَبت أَن تَقْدِير فعله على فعل الْحُكَمَاء فِي الشَّاهِد لَازم إِلَّا أَنهم دفعُوا عَنهُ الإرتفاع بِالْفِعْلِ والإنحطاط بترك فعل مَا فأوجبوا بذلك أَنه بِفِعْلِهِ لَا يجر إِلَى نَفسه النَّفْع وَلَا يدْفع عَنْهَا الضَّرَر فَيجب أَن يكون فعله لحكمة