من الْجَوَاهِر وَأَنه لم يسم بِهِ شريرا وَلَا مسيئا وَلَا إِفْسَاد الْأَشْيَاء مُفْسِدا فَكَذَلِك فِي خلق أَفعَال الشَّرّ وَالْفساد لَا يُسمى بِهِ فَكَانَ من جوابهم أَن الْجَوَاهِر سميت شرا على الْمجَاز لَا على الْحَقِيقَة وَهِي فِي الْحَقِيقَة لَيست بِالشَّرِّ
وَأما عندنَا فَنحْن نقُول بِأَن الله جلّ جَلَاله خَالق جَوْهَر الشَّرّ وَالْخَيْر وخالق فعل الْخلق شرا أَو خيرا وَلَا يجوز كَون شَيْء فِي سُلْطَانه لم يخلقه فَيكون لَهُ شريك فِي سُلْطَانه وعديل فِي خلق عالمه جلّ الله عَن ذَلِك وَتَعَالَى ونقول بِأَن خلق الْخلق لَيْسَ هُوَ ذَلِك الْخلق وَكَذَلِكَ فعله وَلَا يُوصف فعله بِالشَّرِّ وَالْخَيْر وَلَا يُوصف بِأَن فعله خير وَشر لِأَنَّهُ مَوْصُوف بِفِعْلِهِ وَلم يقل هُوَ خير وَلَا شرير وَمن فعله ذَلِك فِي الْحَقِيقَة فَهُوَ مُسَمّى بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَمَا يجب فِي الْحِكْمَة خلق الْجَوَاهِر المؤذية والمناظر القبيحة وَخلق الْآفَات فِي الْحَواس أَن الْبشر كلهم قد اعتقدوا شَيْئا غَابَ عَن حواسهم إِمَّا نفى أَو إِثْبَات مِنْهُم من دانوا وَمِنْهُم من تجاهل وَحصل على الشَّهَوَات فَإِذا لم يخلق فِيمَا يَقع على الْحَواس مَا ذكرنَا لم يعرفوا الْقبْح من الْحسن وَلَا المؤذى من النافع وَإِذا لم يعقلوا ذَلِك لم يحْتَمل عُقُولهمْ دَرك الْقَبِيح من الْحسن وَلَا المؤذى من الملذ فخلق كَذَلِك ليمثلوا بِمَا تقع عَلَيْهِ الْحَواس مَا لَا تقع عَلَيْهِ ليصير كل مُعْتَقد غَابَ عَن الْبَصَر على مَا عَلَيْهِ مَعْرُوفا بِمَا يُشَاهِدهُ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ الَّذِي ينْقض على الثنوية على اخْتلَافهمْ اتَّفقُوا فِي جَمِيع مَا ينطقون بِهِ أَنهم بجوهر النُّور ينطقون وَبِه يَتَقَلَّبُونَ فَصَارَ كل الإختلاف بِهِ إِن صدقُوا وَإِن كذبُوا فَصَارَ كل الْكَذِب بِهِ وَإِن صدق بَعضهم وَكذب بعض فَثَبت مِمَّن هُوَ من جَوْهَر الظلمَة تَفْضِيل النُّور حَتَّى اخْتَار الإنتساب إِلَيْهِ دون الظلمَة وتفضيل ذِي الْفضل خير فِي شَهَادَة الْعُقُول يلْزم بطلَان القَوْل بِأَصْل هُوَ شَرّ لَا يجِئ مِنْهُ غَيره وَخير لَا يجِئ مِنْهُ غَيره وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه