أَحَق أَن تنْسب إِلَيْهِ من بِهِ جملَة الْعَالم ثمَّ لَو علمُوا غناهُ وَقدرته وتعاليه عَن صفة الْخلق لم تضق قُلُوبهم عِنْد قُصُورهَا عَن دَرك الْحِكْمَة فِي خلقه على الله نتوكل وَبِه نستعين

وَذكر جَعْفَر بن حَرْب أَنه سَأَلَ ثنويا عَمَّن قتل آخر ظلما ثمَّ اعتذر إِلَيْهِ وَأقر بالإساءة فألزمه أَن الثَّانِي خير وَلَو كَانَ من غَيره جَوْهَر الأول كَانَ كذبا من النُّور وَهُوَ شَرّ فَكتب ذَلِك إِلَى رَئِيس لَهُم فَكتب الرئيس مجيبا إِن ذَلِك كمن ينفح دَابَّته وَيعْتَذر هُوَ

فَقَالَ جَعْفَر إِنَّمَا ذَلِك توجع مِنْهُ وَلَو اعتذر فِي الْحَقِيقَة كَانَ جَاهِلا إِلَّا أَن يكون الإعتذار من تقريبه الدَّابَّة إِلَيْهِ

فَأسلم الرجل وَحقّ لَهُ أَن يسلم وَمَا ذكر ابْن حَرْب لَازم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

ثمَّ الْمَسْأَلَة على قَول الْمُعْتَزلَة خطأ إِذْ من مَذْهَبهم أَن لَيْسَ فِي خلق الله شَرّ وَإِنَّمَا سمى شرا بالمجاز فَإِنَّمَا طَرِيق مناظرتهم الثنوية فِي إِزَالَة مَا ظنوه شرا أَن يكون شرا فَأَما أَن يسلمُوا الثنوية ويلزمهم القَوْل بالخالق الْوَاحِد من الْوَجْه الَّذِي يُوجد من غير الله تَعَالَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ويجعلونه على الصَّانِع فيجد القَوْل بنفى ذَلِك فَهُوَ محَال فَاسد لما فِيهِ تثبيت مَعْرفَته وتوحيده يخلق الشَّرّ وَالْخَيْر ثمَّ ينفى أَحدهمَا فِي الْحَقِيقَة رجعت إِلَى قَول الثنوية بِأَن الَّذِي مِنْهُ خلق الشَّرّ فِي الْحَقِيقَة غير الَّذِي مِنْهُ خلق الْخَيْر فَيلْزمهُ التَّوْحِيد بالتثنية وَوجه قَوْلهم فِي هَذَا أَنهم أَنْكَرُوا خلق أَفعَال الْعباد بِمَا فِيهَا السَّيِّئَات والمعاصي والشرور فعورضوا بِخلق الشرور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015