أَلَيْسَ بعد أَن لم يكن لَا بُد من بلَى قيل أَكَانَ هُوَ النُّور أَو الظلمَة أَو غَيرهمَا فَإِن قَالَ بالأولين أحَال لِأَنَّهُ أثبت الإمتزاج والتباين لنَفسِهِ وَلَو جَازَ ذَلِك لجَاز وجودهما مَعًا وَهُوَ بَين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ إثباتهم الْحَد من حَيْثُ الإلتقاء إِمَّا إِن كَانَا متماسين فِي الْأَزَل أَو غير متماسين فَإِن كَانَا متباينين قَالَ إِن تماسا حَدثا فَحدث الْجُزْء يُوجب الْكل بِحَق الإستدلال بِالشَّاهِدِ على الْغَائِب وَإِن كَانَا متماسين فَلَا بُد من أَن يزْدَاد أَحدهمَا حَتَّى يمتزج بِالْآخرِ أَو يحيد من الآخر حَتَّى يدْخل فِي نَفسه وَأيهمَا كَانَ فَفِيهِ زِيَادَة لم يكن أَو قطع وَإِدْخَال فِي جَوْهَر فَيبْطل القَوْل بِأَنَّهُ غير متناه لِأَنَّهُ إِذا لم يكن لأجزائه تناه لم يكن للْآخر فِيهِ تدَاخل ليمتزج بِهِ ثَبت أَنه متناه إِذا احْتمل الإمتزاج مَعَ الْبعد أَن تبقى الظلمَة مَعَ كثافتها على النُّور مَعَ رقته فيقتطع مِنْهَا إِذْ كل ممتلئ بِمَا يلطف من الْأَشْيَاء لَا يتَمَكَّن فِيهِ مَا يكثف وَلَو كَانَ ذَلِك من النُّور فقد اكْتسب الشَّرّ وَألقى نَفسه فِي الْحَبْس مَعَ ثبات الكيف جوهرا وَاحِدًا وَإِنَّمَا يحد اللطف المنفذ فِي الكثيف إِذا كَانَ من جَوَاهِر مُخْتَلفَة يبْقى بَينهَا الْفرج وَأما الَّذِي سَبيله مَا ذكر فَلَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَإِن سبقت بِمَا حدث من الإمتزاج بعد أَن لم يكن فإمَّا أَن كَانَ بِأَحَدِهِمَا أَو بهما وَفِيه احْتِمَال الْحُدُوث فَمثله الْكل أَو لَيْسَ بهما فَفِي ذَلِك تثبيت ثَالِث أَو لأنفسهما كَانَ فَلَزِمَ نفى التباين أَو تبقى الظلمَة بِنَفسِهَا فَلم يكن ذَلِك الْوَقْت بِأولى مِمَّا قبله وَإِذا لم يحدث فِي الجزئين اللَّذين لم يمتزجا شَيْء وَقد وجد لم لَا كَانَ كَذَلِك فِي الْكل
مَعَ مَا لَا يَخْلُو من الإفتراق إِذْ الإمتزاج أَن يكون بالطبع والطبائع لَا تنْقَلب فَيجب أَن يكون أبدا كَذَلِك وَأَطْنَبَ فِي نوع الطبائع لكنه روى أَن