إِلَّا من جَانب ثمَّ امتزجا وَإِن لم يكن زَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الْأَوْجه الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ للْآخر فَصَارَ من تِلْكَ الْوُجُوه متناهيا وَالله الْمُوفق
ثمَّ إِن كَانَ من طبع السُّفْلى التسفل والعلوى الْعُلُوّ وَذَلِكَ معنى التنافر وَإِلَيْهِ مرجع الْعَاقِبَة فَكيف صَار السُّفْلى يذهب صعدا وَذَلِكَ طبع العالي الصافي وَهُوَ معنى الْخَيْر فقد صَار من السُّفْلى الْأَمْرَانِ جَمِيعًا فَبَطل الْمَعْنى الَّذِي لَهُ لزم القَوْل بإثنين ثمَّ من العلوى النفار إِلَى العلوى وَلم يقم بوفاء ذَلِك وَلَا امْتنع بِهِ عَمَّا كَانَ بجوهر ينحدر حَتَّى ارْتَفع عَلَيْهِ وَخلق الْعَالم بحبسه فَكيف يطمعون أَن ينخلص من يدى الهمامة وَهِي مَعَ ذَلِك حساسة فعاله بالحيل أوثقته وقيدته وحبسته وَلَيْسَت لَهُ قُوَّة يتَخَلَّص بهَا وبطبعه لم يمْتَنع عِنْد التَّخْلِيَة فَكيف يتَخَلَّص بعد الوثاق إِلَّا أَن يَقُول تخلى الهمامة سَبيله فيجعلها فاعلة الْخَيْر
وَبعد فَإِن جَوْهَر الظلمَة إِن كَانَ هُوَ رأى النُّور وَهُوَ الَّذِي أيس النُّور ليحبسه فَهُوَ الْمَوْصُوف بِالْعلمِ والرؤية لَا الَّذِي لم يره ليتحصن مِنْهُ وَلم يعلم مَا بِهِ يتَخَلَّص من قهره فَإِذا الْعلم والرؤية والمقدرة والغنى والشرف كُله فِي جَوْهَر الظلمَة والقهر وَالْجهل وَالْعجز والذل والهوان فِي جَوْهَر النُّور فَإِن كَانَ ذَا كُله خيرا وَالْأول كُله شرا فَمَا أبصركم بِالْخَيرِ وَالشَّر
وَكَذَلِكَ عنْدكُمْ إِن النُّور فعله طباع والهمامة فعلهَا اخْتِيَار والعالم أنشأه الهمامة بَطل القَوْل بإثنين بل الْعَالم كُله فعل الْوَاحِد لكنه مزج أجزاءه بأجزاء الآخر وَلَو كَانَ الآخر بِمَا يفعل بِهِ وَفِيه يصير آخر لتَحْصِيل القَوْل بالإثنين لَكَانَ كل ذِي طبع هُوَ من بِهِ وَفِيه الْعَالم فَيصير القَوْل بِمَا لَا يُحْصى عدده ثمَّ إِذْ كَانَت