فَإِن قيل إِذْ جَازَ أَن يَأْمر الله العَبْد فِي عقله بِمَا لَا يفهم لم لَا جَازَ أَن يخاطبه بِمَا لَا يفهمهُ
قيل لَا فرق بَينهمَا وَلَا يجوز الْإِطْلَاق عَلَيْهِ بِالَّذِي ذكرت وَمَا من شَيْء يَأْمر الله بِهِ إِمَّا يبْعَث الْعقل عَلَيْهِ أَو بخطاب السّمع إِلَّا وَقد جعل الله لفهم ذَلِك سَبِيلا وَمن قصر فهمه عَن احْتِمَاله فَهُوَ خَارج عَن الْأَمر لَكِن جِهَات الْأُصُول مُخْتَلفَة تعلم هِيَ بِالنّظرِ والفكر أَن ذَلِك من أَي نوع وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
فَإِن قَالَ إِذْ لَا عذر فِي الشَّاهِد للْعَبد أقبل من قَوْله لسَيِّده لم أعلم أَن فعلي يسخطك فأتركه وَلَو علمت ذَلِك لانزجرت مِمَّا فعلت لم لَا كَانَ ذَلِك فِي حِكْمَة الله مَقْبُولًا
قيل ذَلِك إِنَّمَا حسن بَيْننَا لارْتِفَاع مَا بِهِ يعرف الْأَمر من الدَّلِيل عَلَيْهِ وَأما الله سُبْحَانَهُ فقد جعل لعَبْدِهِ على الْأَمر بِمَا أمره بِهِ دَلِيلا وحرك ذهنه بالخواطر ونبهه بصنوف العبر فَإِنَّمَا أَتَى من قبل تَركه النّظر وَذَلِكَ فعله فَيصير بِمَا هُوَ معتذرا محجوجا إِذْ بِفِعْلِهِ أعرض عَن ذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَأَصله أَن الْعلم بِاللَّه وبأمره عرض لَا يدْرك إِلَّا بالإستدلال وَقد أظهر بِهِ مَا يسْتَدلّ من أَحْوَال نَفسه الَّتِي عَلَيْهَا مَدَاره مَعَ مَا بَينا أَن الضَّرُورَة تبعثه على النّظر وتدفعه إِلَى الْفِكر فِيمَا يرى من أَحْوَاله وأعضائه ومنافعه ومضاره الَّتِي فِي الْجَهْل بهَا عطبه وَفِي الْعلم بهَا صَلَاحه وَفِي صَلَاحه بهَا على علمه بِأَنَّهُ لم يكن دبر مَا ذكرت من أَحْوَال تضطره إِلَى مَعْرفَته وَمن قَامَ هُوَ بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَاحْتج مُحَمَّد بن شبيب فِي حدث الْأَجْسَام بِمَا لَا يَخْلُو من سُكُون هُوَ مقَام وحركة هِيَ الظعن وهما محدثان بِمَا يخْتَلف على الْإِثْنَيْنِ الْمَكَان بِمَا تقدم