يرِيه عاقبته مِمَّا يُؤمن عَن مثله الْهَلَاك لقلته فَيكون فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا لُزُوم الْبَحْث مَعَ مَا يَدْفَعهُ جَهله بِمَا جبل عَلَيْهِ من الشَّهَوَات وَمَا يَبْعَثهُ عَلَيْهِ نَفسه من الملاذ عَمَّا يُصِيبهُ من الْمَكْرُوه وَمَا يحل بِهِ من الْأَلَم إِلَى النّظر فِي حَال نَفسه إِنَّه بِمَا صَار كَذَلِك أَو هَل كَانَ كَذَلِك فِي الْأَبَد أَو من أَي وَجه صَار كَذَلِك لَا يسلم عَن بعض الخواطر الَّتِي تَمنعهُ عَن ترك النّظر فِي أَحْوَال نَفسه ليعرف بِهِ مباديه وليعلم أَنه لذَلِك بِنَفسِهِ أَو بِمن لَهُ فِي نَفسه تَدْبِير مَعَ مَا لَا بُد من أَن يعرف مَا بِهِ صَلَاحه وفساده وَمَا عَلَيْهِ من النعم وَعنهُ من الدفاع وَفِي كل ذَلِك اضطرار إِلَى النّظر وَلُزُوم الْحجَّة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
مَعَ مَا يعلم بِيَقِين أَن هَذَا الَّذِي سَوَّلَ لَهُ ترك النّظر هُوَ خاطر الشَّيْطَان إِذْ ذَلِك عمله ليصده عَن ثَمَرَة عقله ويفزعه لأمانته الَّتِي لَدَيْهَا ينَال الفرصة ويظفر بالبغية دَلِيل ذَلِك أَن اسْتِعْمَال الْعقل بالفكر بالأشياء ليعرف مَا استتر مِنْهَا من المبادئ والنهايات ثمَّ فِيمَا يدله على حدثها ومحدثها يشْغلهُ عَن شهوات النَّفس ليعلم أَن ذَلِك هُوَ صَنِيع الشَّيْطَان على أَنه إِذْ لم يجز إهمال شَيْء من الْجَوَارِح عَن الْمَنَافِع الَّتِي جعلت فِيهَا وَلَا كفها عَن أَعمالهَا بته بل يجب كفها عَن الْوُجُوه الضارة واستعمالها بالوجوه النافعة فالعقل وَالنَّظَر الَّذِي بهما تعرف الْمَنَافِع والمضار أَحَق أَن لَا يهملا مَعَ مَا كَانَ النَّاظر عِنْد وُرُود الخاطر لَا يعدو خِصَالًا ثَلَاثَة إِمَّا أَن يفضى بِهِ نظره إِلَى الْعلم بحدثه وَأَن لَهُ مُحدثا يجْزِيه بِالْإِحْسَانِ ويعاقبه بالإساءة فيجتنب مَا يسخطه وَيقبل على مَا يرضيه فيسعد وينال شرف الدَّاريْنِ أَو يفضى بِهِ إِلَى نفى مَا ذكرنَا فيتمتع بصنوف اللَّذَّات أما الْعقَاب فينتظره فِي الْآخِرَة أَو يفضى بِهِ إِلَى الْعلم باستغلاق بَاب الْعلم بِحَقِيقَة مَا دعى إِلَيْهِ فيستريح قلبه وَيَزُول عَنهُ الوجل الَّذِي يَعْتَرِيه إِذا فزعته الخواطر فَيعلم إِذا انصف أَنه على ربح فِي نظره من كل وَجه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه