يعْمل إِذْ قد يمْنَع بِغَيْرِهِ عَن الْعَمَل وَلَو كَانَ بِنَفسِهِ يعْمل ذَلِك مَا احْتمل مَا دَامَت نَفسه مَعَ مَا إِذْ كَانَ لَا يمْتَنع من عمل ثَبت أَنه مقهور تَحت قاهر عليم
ثمَّ كل ذِي طبع لَا يعلم فِي شَيْء بطبعه إِلَّا أَن يكون الآخر مجعولا بِحَيْثُ يقبل ذَلِك نَحْو الشَّيْء الَّذِي يتَأَذَّى لَا يُؤْذِيه الْفِعْل الَّذِي فِي غَيره مؤذ وَكَذَلِكَ المؤلم والملذ وَكَذَلِكَ الأصباغ وَلَيْسَ عمل الطَّبْع أَن يَجْعَل شَيْئا يقبل طبعه ويتأثر بِهِ فَثَبت بِهِ كَون غير الطبائع مَعَ مَا لَو خلى بَين ذِي الطَّبْع وَعَمله لَكَانَ لَا يؤلف وَلَا يصور فَدلَّ وجودهَا على غير ذَلِك أَن لَهَا منشئا
وَبعد فَإِنَّهُ لَو خلى بَين الأصباغ وانصباغ الْأَشْيَاء بهَا ليخرج فَاسِدا مسمما وَإِنَّمَا يصلح ذَلِك لحكيم عليم يضع كل شَيْء مَوْضِعه فَمثله أَمر الطبائع وَهُوَ فِي شَأْن الطبائع أَحَق إِذْ هِيَ تتنافر وفيهَا التباعد أَو يقْدَح فِي الْأَشْيَاء بِلَا حد وَفِيه الْفساد فَدلَّ الإتساق وَقيام الْأَعْيَان بهَا على عليم قاهر جمع بَينهَا وقهرها مَعًا مَعَ مَا كَانَ لكل مُجْتَمع الطبائع حَامِل يحملهَا لَيْسَ هُوَ لَهُنَّ فَثَبت بِالضَّرُورَةِ وجودهن وَقد مضى من هَذَا النَّوْع مَا فِيهِ مقنع وَقد نجد الْحَرَارَة ترْتَفع بطبعها والبرودة تنحدر وَقد يَجْتَمِعَانِ فِي جسم فَثَبت أَن ذَلِك لمدبر قاهر عليم
وَمن يَقُول بقدم الْأَعْيَان فَوَجَدْنَاهَا غير خَالِيَة عَن الْحَوَادِث لمنع القَوْل بذلك لوجوه أَحدهَا فِي الْقدَم خلاء وَفِي ذَلِك تَكْذِيب شَهَادَة العيان وَالثَّانِي وجود كثير من الْأَعْيَان وابتداؤها لمدد تعد وَهِي من آخر الْجُمْلَة تحْتَمل مَا يحْتَمل الْكل لذَلِك لزم القَوْل وَلم يجز أَن يُقَال كَانَ كامنا فَظهر أَو مُتَفَرقًا فَاجْتمع لما فِيهِ إِثْبَات غير حكم العيان وَإِذا احْتمل ذَلِك وَإِن ارْتَفع عَن الْإِحَاطَة بِهِ احْتمل كَون الْعَالم من لَا شَيْء وَإِن ارْتَفع وجوده عَن توهم الْبشر بِدَلِيل والكمون لَا يحْتَمل لإحالة كَون شَيْء وَاحِد مَكَانا لعشرة مثله وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَلما لَا يَخْلُو العيان وَصفته من صور ثمَّ لَا يَخْلُو من مُصَور كَسَائِر مَا