إن النفس البشرية تنزع إلى الطبيعة البدنية وتُغْوى باللذات والشهوات الجسمية، والمعاصي تُضعف القلب عن إرادة الخير، وبذا تقوى فيه إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة شيئًا فشيئًا إلى أن تنسلخ منه بالكلية، والمعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضًا.
وما ذاك إلا لعدة أسباب منها:
أولاً: اعتماد العبد على سعة رحمة الله - تعالى - وكرمه وعفوه حتى إن بعض المذنبين من الناس إن كلَّمْتَه ناصحًا أو زاجرًا له عن الآثام رد عليك بأن رحمة الله واسعة وغفرانه يسع الذنوب كلها، ونسي هذا المسكين أن الله - عز وجل - كما أنه واسع المغفرة؛ فهو - تبارك وتعالى - شديد العقاب!! وأنه لا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند المكابر.
ثانيًا: أن الشهوة لذة ناجزة والنزوع عن هذه اللذة العاجلة لخوف فوت الآجلة شديد على النفس.