الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] هل كان الله تعالى الصادق في إكمال دينه أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟ فسكت ابن أبي دؤاد.
فقال الشيخ: أجب يا أحمد فلم يجب.
فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين اثنتان فقال الواثق اثنتان.
فقال الشيخ: يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم جهلها؟.
فقال ابن أبي دؤاد: علمها.
قال: فدعا الناس إليها؟ فسكت.
فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث فقال الواثق: ثلاث.
فقال الشيخ: يا أحمد فاتسع لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن علمها وأمسك عنها كما زعمت ولم يطالب أمته بها؟.
قال: نعم قال الشيخ: واتسع لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -- رضي الله عنهم -؟.
قال ابن أبي دؤاد: نعم.
فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق فقال: يا أمير المؤمنين! قد قدمت القول: إن أحمد يصبي ويضعف عن المناظرة يا أمير المؤمنين! إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة بما زعم هذا أنه اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم.
فقال الواثق: نعم إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله علينا اقطعوا قيد الشيخ! فلما قطع القيد ضرب الشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه فجاذبه الحداد عليه.
فقال الواثق: دع الشيخ يأخذه! فأخذه فوضعه في كمه.
فقال له الواثق: يا شيخ! لم جاذبت الحداد عليه؟.
قال: لأني نوديت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة وأقول: يا رب! سل عبدك هذا لم قيدني وروع أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا.