قال: فخرج فقير فمشى في جانبي بغداد فلم يجد من يسأله في شيء فأخذه الجوع والتعب فجلس على دكان طبيب نصراني والناس عليه خلق عظيم يصف لهم الدواء.
فقال له النصراني: ما بك؟ فلم ير أن يشكو إلى نصراني حاله بل مد يده إليه فمس يده فقال النصراني عند ذلك: هذه علة أنا أعرف دواءها يا غلام! امض إلى السوق وائتني برطل خبز ورطل شواء ورطل حلواء. فقال الفقير: فهذه العلة بأربعين رجلا فقال: يا غلام ائتني بأربعين مثل ذلك.
فأتى الغلام بذلك فسلمه النصراني إلى الفقير وقال: خذه لمن ذكرت.
فأخذ معه الحمال ومضى معه إلى الدويرة.
وقام النصراني يختبر صدق الفقير فلما أتى الدويرة وقف خارجا منها خلف طاق حتى دخل الفقير فوضع الطعام واجتمع الشيخ والفقراء وقدموا الطعام فأمسك الشيخ عن الطعام وقال: يا فقير! ما قصة هذا الطعام؟ فحكى له القصة بكمالها.
فقال الشيخ: أترضون أن تأكلوا طعام نصراني وصلكم به دون مكافأة؟ قالوا: ما مكافأته؟ قال: تدعون الله له قبل أكل طعامه بالنجاة من النار فدعوا له وهو يسمع.
فلما رأى النصراني إمساكهم عن الطعام مع حاجتهم إليه وسمع ما قال الشيخ قرع الباب ففتح له ودخل وقطع الزنار وقال: أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
تم بعون الله تعالى وتوفيقه.