قال وهب: فجاء يوما يريد الوضوء فدفع الخاتم إليها. وجاء صخر المارد فسبق سليمان فدخل المتوضأ فدخل سليمان لحاجته وخرج الشيطان على صورة سليمان ينفض لحيته من الوضوء لا تنكر من سليمان شيئا فقال: خاتمي يا أمينة! فناولته إياه لا تحسب إلا أنه سليمان فجعله في يده. ثم جاء حتى جلس على سرير سليمان وعكف عليه الطير والجن والإنس.
وخرج سليمان فقال للأمينة: خاتمي قالت: ومن أنت؟ قال: أنا سليمان بن داود - وقد تغير عن حاله وذهب عنه بهاؤه - قالت: كذبت إن سليمان قد أخذ خاتمه وهو جالس على سريره في ملكه.
فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته.
قال الحسن: فخرج سليمان هاربا مخافة على نفسه. فمضى على وجهه بغير حذاء ولا قلنسوة في قميص وإزار.
فمر بباب شارع على الطريق - وقد جهده الجوع والعطش والحر - فأتى الباب فقرعه فخرجت امرأة فقالت: ما حاجتك؟ فقال: ضيافة ساعة فقد ترين ما أصابني من الحر والرمضاء قد احترقت رجلاي وبلغ مجهودي من الجوع والعطش.
قالت المرأة: زوجي غائب وليس يسعني أن أدخل رجلا غريبا علي فادخل البستان فإن فيه ماء وثمارا فأصب من ثماره وتبرد فيه فإذا جاء زوجي استأذنته في ضيافتك فإن أذن لي فذاك وإن أبى أصبت ما رزق الله ومضيت.
فدخل البستان فاغتسل ووضع رأسه فنام - فآذاه الذباب - فجاءت حية سوداء فأخذت ريحانة من البستان بفيها وجاءت سليمان فجعلت تذب عنه الذباب حتى جاء زوج المرأة فقصت عليه القصة فدخل إلى سليمان فلما رأى الحية وصنيعها دعا امرأته فقال لها: تعالي فانظري إلى العجب! فنظرت ثم مشيا إليه فأيقظاه ثم قالا له: يا فتى! هذا منزلنا لا يسعنا شيء يعجزك وهذه ابنتي قد زوجتكها - وكانت من أجمل نساء زمانها - فتزوجها وأقام عندهم ثلاثا ثم قال: لا يسعني إلا طلب المعيشة لي ولأهلي.
فانطلق إلى الصيادين فقال لهم: هل لكم في رجل يكون معكم يعينكم وترضخون له من صيدكم وكل يأتيه الله برزقه؟.
فقالوا: قد انقطع عنا الصيد وليس عندنا فضل نعطيكه.