قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ أَبِي يَاسِرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: قَالَ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ هَبَّارًا - يَعْنِي ابْنَ الأَسْوَدِ - قَطُّ إِلا تَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَلا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً قَطُّ إِلا قَالَ: "إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارٍ فَاقْطَعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ اضْرِبُوا عُنُقَهُ" وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَطْلِبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَوْ ظَفِرْتُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَتَلْتُهُ ثُمَّ طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ فَجَعَلَ يَعْتَذِرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فِي مَسْجِدِهِ مُنْصَرَفُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فَطَلَعَ هَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ. قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ رَأَيْتُهُ".
فَأَرَادَ بَعْضُ الْقَوْمِ الْقِيَامَ إِلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنِ اجْلِسْ" فَوَقَفَ عَلَيْهِ هَبَّارٌ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ لا إله إلا الله وأنك رَسُولُ اللَّهِ وَلَقَدْ هَرَبْتُ مِنْكَ فِي الْبِلادِ فَأَرَدْتُ اللُّحُوقَ بِالأَعَاجِمِ ثُمَّ ذَكَرْتُ عَائِدَتَكَ وَفَضْلَكَ وَبِرَّكَ وَصَفْحَك عَمَّنْ جَهَلَ عَلَيْكَ وَكُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَ شِرْكٍ فَهَدَانَا اللَّهُ بِكَ وَأَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ الْهَلَكَةِ فَاصْفَحْ عَنْ جَهْلِي وَعَمَّا كَانَ يَبْلُغُكَ مِنِّي فَإِنِّي مُقِرٌّ بَسَوْأَتِي مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِي.
قَالَ الزُّبَيْرُ: وَقَالَ: فَقَدْ كُنْتُ موضعا فِي سبك وأذاك وَكُنْتُ مَخْذُولا وَقَدْ بَصَّرَنِي اللَّهُ وَهَدَانِي للإِسْلامِ قَالَ الزُّبَيْرُ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّهُ لَيُطَاطِئُ رَأْسَهُ مِمَّا يَعْتَذِرُ هَبَّارٌ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَالإِسْلامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ".