إليه، فإذا رجع إليه بعد سنين؛ هل يلزمه إخراج زكاته لما مضى؟ نصَّ في المواشي: أنه يزكيها لأحوالها، وقال في الدراهم والدنانير: لا يجوز فيها إلا واحد من قولين: إما أن لا زكاة فيها؛ لأنه يحول دونها. وإما أن يزكي للأحوال كلها؛ لأن ملكه عليها باق اختلف أصحابنا فيه: منهم من جعل فيها قولين:

أحدهما- وبه قال أبو حنيفة-: لا يجب عليه زكاتها؛ لأن نماء الملك كان منقطعاً عنه؛ كما لو باعه سنين، ثم اشتراه.

والثاني - وهو الأصح-: يجب أن يزكيها لأحوالها؛ لأن مِلكه كان باقياً عليها؛ كالمرهون.

ومنهم من قال: يجب أن يزكيها لأحوالها قولاً واحداً وحيث قال: لا يجوز فيها إلا واحد من قولين، أراد به: ملكاً؛ فإنه يقول: يجب عليه زكاة العام الأول دون ما بعده؛ فقال لا يجوز إلا واحد من قولين. أما ما قلت: وهو أن يزكيها لأحوالها، أو ما قال أبو حنيفة: إنه لا زكاة عليه فيها- فإما أن يفصل بين عام وعام فليس ذلك بقياس.

ومنهم من فرق بينهما على ظاهر النص: فقال في الماشية: يجب أن يزكيها لأحوالها؛ لأنها تعود إليه بنمائها، وفي الدراهم والدنانير قولان؛ لأنها لا تعود إليه بربحها؛ لأن الربح الذي حصل عليه يكون للغاصب؛ حتى لو كانت الماشية غصبها أهل الحرب، أو عبيده أبقوا: فذهبوا بها، وأتلفوا الدر والنسل -فهي كالدراهم والدنانير. خرج منه: أنها إذا عادت إليه من غير نماء، ففي وجوب زكاتها لما مضى قولان. فإذا عادت إليه مع النماء، ففيه طريقان:

أحدهما- وهو قول ابن سريج -: يلزمه زكاتها قولاً واحداً.

والثاني- وهو الصحيح-: أنه على قولين.

أما إذا أسر رب المال، وحيل بينه وبين المال؛ حتى مضت أحوال فهل تلزمه زكاتها؟ فيه طريقان:

أحدهما: فيه قولان؛ كما لو غصب المال.

والثاني: يجب قولاً واحداً؛ لأنه كان في الأسر يملك بيعها ممن شاء؛ فكان كالمودع، بخلاف المغصوب.

فإن قلنا: يجب أن يزكيها لأحوالها، فلو كان نصاباً واحداً، وعاد إليه بعد ثلاثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015