قال في القديم: تتعلق بالذمة، والعين مرتهنة بها؛ لأن العبادات تعلقها بالذمم؛ كالصلاة والصوم والكفارة وصدقة الفطر. والدليل عليه: أنه يجوز أن يعطي حق الفقراء من غيرها، ولو كانت متعلقة بالعين، لكان لا يجوز؛ كما أن حق الشريك لايجوز للشريك الآخر أداؤه.

وقال في الجديد- وهو الأصح؛ وبه قال أبو حنيفة -: تتعلق بالعين؛ كتعلق حق الشريك بمال الشركة؛ بدليل أنها تسقط بهلاك المال بعد الحول قبل إمكان الأداء؛ كحق المضارب والشريك يسقط بهلاك المال.

فإن قلنا: تتعلق بالذمة، يجب عليه ثلاث شياه لثلاث سنين؛ على ظاهر المذهب الذي يقول: إن الدين لا يمنع وجوب الزكاة.

فإن قلنا: يمنع، لا يجب إلا شاة واحدة للسنة الأولى؛ لأن تلك الشاة دين في ذمته، فيمنع وجوب الزكاة للسنة الثانية.

وإن قلنا: تتعلق بالعين، فلا يجب إلا شاة واحدة للسنة الأولى؛ لأن المساكين ملكوا واحدة منها في الحول الأول؛ فانتقص النصاب.

ولو ملك خمساً من الإبل ثلاث سنين لم يؤد زكاتها.

إن قلنا: الزكاة تتعلق بالذمة، يجب عليه ثلاث شياه، على ظاهر المذهب الذي يقول: الدين لا يمنع وجوب الزكاة.

وإن قلنا: تتعلق بالعين، فقد قيل: هو كالقول الأول الذي يقول: إن الزكاة تتعلق بالذمة؛ لأن الواجب ليس من جنس ماله. فإن قلنا: الدين لا يمنع وجوب الزكاة، عليه ثلاث شياه، وإلا فشاة واحدة.

والصحيح: أن حكمه حكم ما لو كان الواجب من جنسه، وحق المساكين يتعلق بعينه؛ بدليل أنه إن لم تحصل الشاة، فللإمام أن يبيع جزءاً من الإبل في الشاة ولو أدى منها بعيراً، يجوز بالاتفاق؛ فلا يجب عليه إلا شاة واحدة للسنة الأولى.

ولو ملك خمسة وعشرين بعيراً ثلاثة أحوال لم يؤد زكاتها: إن قلنا: الزكاة تتعلق بالذمة، فعليه ثلاثة بنات مخاض وإن قلنا: بالعين، فعليه بنت مخاض للسنة الأولى، وأربع شياه للسنة الثانية، وأربع للسنة الثالثة.

فصلٌ: [هل تجب الزكاة في المال المغصوب ونحوه؟]

المال المغصوب والمجحود والضال ايجب على المالك إخراج زكاته ما لم يرجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015