ولو أعتق اثنان منهم نصيبهما معاً: فإن كان أحدهما موسراً- يقوم عليه] نصيب الثالث، وإن كانا موسرين؛ مثل إن أعتق صاحب الثلث والسدس نصيبهما معاً، أو وكلا رجلاً بالإعتاق، فأعتق النصيبين دفعة واحدة-: عتق الكل، وعليهما قيمة نصيب الثالث، ثم يقسم بينهما على عدد الرؤوس أم على قدر الأنصباء؟ قيل: فيه قولان؛ كالشفعة.
والمذهب: أنه يكون عليهما سواء؛ بخلاف الشفعة تقسم بين الشركاء على قدر الأنصباء على أحد القولين؛ لأن الشفعة بمنزلة وقف الملك؛ فتكون بين الشركاء على قدر الملك؛ كثمرة الشجرة ونتاج الدابة المشتركة، يكون بين الشركاء على قدر الملك في الأصل، وضمان العتق بمنزلة ضمان الجناية؛ لأن المعتق بالإعتاق يتلف على الشريك ملكه، وضمان الجناية يكون على عدد رؤوسهم كما لو جرح جماعة رجلاً، فمات من جراحتهم- كانت الدية عليهم على عدد رءوسهم وإن خرج بعضهم أكثر.
فصل
إذا أعتق أحد الشريكين نصيه من العبد- وهو موسر- وأوجبنا عليه قيمة نصيب الشريك، فاختلفا في قيمة العبد يوم الإعتاق بعد موت العبد أو غيبته أو تغيره، فقال المعتق: كانت قيمته خمسين، وقال الشريك: بل مائة، فالقول قول من يكون؟ فيه قولان:
أصحهما: وهو اختيار المزني-: القول قول المعتق مع يمينه؛ لأنه غارم؛ كما لو اختلفا في قيمة المغصوب بعد تلفه- كان القول قول الغاصب- مع يمينه.
والقول الثاني: القول قول الشريك مع يمينه؛ لأنه المتملك عليه نصيبه، كالشفيع مع المشتري؛ إذا اختلفا في ثمن الشقص- كان القول قول المشتري مع يمينه.
وأصل القولين: أن السراية تقع باللفظ أم بأداء القيمة؟
إن قلنا: باللفظ؛ فهو كالجناية، يكون القول فيه قول الجاني، وإن قلنا: بأداء القيمة، أو مراعى- فالقول قول الشريك؛ لأن ملكه على نصيبه باق، فلا ينتزع عنه إلا بما يقوله كالشقص لا يؤخذ من يد المشتري إلا بما يقوله.
ولو ادعى الشريك فيه منقبة، فقال: كان محترفاً وأنكر المعتق، فالقول قول المعتق مع يمينه؛ لأن الأصل عدمها وبراءة ذمته؛ كما في الغصب، لو ادعى المالك: أن العبد المغصوب كان محترفاً، وأنكر الغاصب- كان القول قول الغاصب مع يمينه.
ولو ادعى المعتق به عيباً، وأنكره الشريك- نظر: إن ادعى عيباً أصلياً في الأعضاء