فإن كان شاهد الأصل على مسافة دون مسافة القصر- نظر: إن كان على مسافة لو خرج بكرة وأدى الشهادة يمكنه أن يرجع إلى أهله بالليل؛ فلا تقبل شهادة شهود الفرع. وإن كان لا يمكنه أن يرجع إلى أهله بالليل، فعلى وجهين:
ولا يصح تحمل الشهادة على الشهادة؛ حتى يشهد شاهد الأصل عنده، ويشهد على شهادته ويسترعيه فيقول: اشهد على شهادتي؛ فلو سمع رجلاً يقول: لفلان على [فلان] كذا، لا يجوز أن يشهد على قوله؛ لأنه قد يقول ذلك عن عدة وعدها لفلان؛ خلاف ما لو سمع رجلاً يقر على نفسه، فيقول: لفلان على كذا، يجوز أن يشهد على إقراره؛ لأن المقر يوجب الحق على نفسه، فالظاهر أنه لا يقر على نفسه إلا عن صدق.
وقد يحكي عن الغير لا عن يقين، ولأن الشهادة آكد من الإقرار؛ لأنه يعتبر فيها العدالة، ولا يشترط في الإقرار العدالة؛ فيجب أن يقول شاهد الأصل: أشهد أن لفلان على فلان كذا، ويبين سببه فيقول: له على فلان ألف درهم من قرض، أو بدل إتلاف، أو ثمن متاع، فاشهد أنت على شهادتي، أو اشهد بما شهدت؛ حتى لو لم يقل: فاشهد أنت به، لا يجوز أن يشهد.
ولو قال: اشهد به، ولم يقل: على شهادتي، أو بما شهدت به- لا يجوز أن يشهد؛ لأنه ما لم يسترعه لا يتحقق الوجوب.
فلو أشهد على شهادته رجلاً على هذا الشرط؛ فسمعه رجل، جاز أن يشهد على شهادته؛ لأن الإشهاد إذا صح في حق واحد تحقق الوجوب؛ فجاز لكل من سمع أن يشهد.
وعند أبي حنيفة: لا يجوز ما لم يشهده بعينه وكذلك عندنا: لو شهد رجل عند القاضي أن لفلان على فلان كذا، فسمعه [القاضي] وجماعة، لم يقض به؛ حتى عزل- جاز لتلك الجماعة أن يشهدوا على شهادته، وإن لم يقل لهم: اشهدوا على شهادتي.
وكذلك يجوز للقاضي أن يشهد عند قاض آخر، لأن وجوب الحق قد تحقق بأداء الشهادة عند القاضي.
وكذلك لو شهد عند المحكم؛ سواء جوزنا التحكيم، أو لم نجوز- فيجوز لمن سمع أن يشهد على شهادته.
وقال الإصطخري: عندي المحكم إنما يجوز على قول جواز التحكيم؛ فأما [على]