مشتغل بأسباب القضاء، وعند مالك وأبي حنيفة: إذا قال: عند رأس الهلال- فلا يحنث حتى يطلع الفجر من الليلة الأولى قبل القضاء، ولو أخذ في القضاء في الليلة الأولى للشك في الهلال، ثم بان أنه كان من الشهر- هل يحنث؟ فيه قولان؛ كالناسي والجاهل، ولو قال: لأقضين حقك إلى رمضان- ينبغي أن يقضيه قبل دخول رمضان، فإن لم يقضه حتى دخل رمضان- حنث، فلو قال: لأقضينك [حقك] إلى حين- فهو كما لو أطلق؛ فيحمل على العمر، فإن مات قبل أن يقضيه- حنث، والورع: أن يقضيه قبل مضي يوم، فإن مضى يوم، ولم يقضه- كفر؛ لأن "الحين" اختلفوا في قدره، وأقل ما قيل فيه يوم فإن نوى مدة- فهو على نيته، وعند أبي حنيفة: يحمل "الحين" على ستة أشهر؛ لقوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] ومن حين تطلع النخل إلى أن يؤكل [منه] ستة أشهر، قلنا: قد يقع على أربعين سنة؛ قال الله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] ويقع على العمر، لقوله تعالى: {وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} [النحل: 8.] أي: إلى البلى؛ فقال: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88]، قيل: بعد انقضاء الدنيا، ولو قال: إلى زمان أو دهر أو حقب أو أحقاب- فهو كما لو قال: "إلى حين يحمل على العمر"؛ وكذلك: "إلى أوان" أو: "وقت" ولو قال: "إلى أيام" فهو إلى ثلاثة أيام، ولو حلف لا يكلم فلاناً حيناً أو دهراً أو زماناً أو حقباً- بر بأدنى زمان يمضي" لأنه يقع على القليل والكثير، ولو قال: لا يكلمه مدة قريبة أو قال: مدة بعيدة- بر بمضي أدنى زمان يمضي؛ لأنه يقع على القليل والكثير؛ لأنه ما من مدة إلا وهي قريبة بالإضافة إلى ما هو أبعد منها، وبعيدة بالإضافة إلى ما هو أقرب منها، ولو قال: لأقضينك حقك غداً إلا أن تشاء، يعني: إلا أن تشاء أن أؤخره، فإن قضى في الغد- بر في يمينه، شاء أو لم يشأ، وإن لم يقض حتى مضى الغد- نظر: إن شاء صاحب الحق قبل مضي الغد أن يؤخر- لم يحنث، وإن لم يشأ شيئاً أو شاء التعجيل، أو لم يعرف حاله: بأن مات أو غبي غباوة- حنث في يمينه، وكذلك: لو قال: إلا أن يشاء فلان أن أؤخره غير أنه إن مات فلان قبل المشيئة في خلال النهار- لا يحنث؛ لأن القضاء بعد موته ممكن، فإن غربت الشمس قبل القضاء- حنث، وإن جعل المشيئة إلى صاحب الحق، فمات في خلال النهار قبل المشيئة بعد إمكان الأداء إليه- يحنث، وإن كان قبل الإمكان- فعلى قولين، ولو قال: لأقضينك حقك إلى الغد، إلا أن يشاء تأخيره- ينبغي أن يقضيه من الآن إلى طلوع الفجر من الغد، فإن لم يقض حتى طلع الفجر، ولم يشأ صاحب الحق تأخيره- حنث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015