ونص فيما لو ختن الإمام رجلاً في شدة حر أو برد، فمات منه: أنه يجب الدية على عاقلته.

فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدٍ منهما إلى الآخر فجعلهما على قولين:

أحدهما: لا يجب الضمان؛ لأنه مات في إقامة حد واجب؛ كما لو فعل في وقت اعتدال الهواء.

والثاني: يجب الضمان؛ لأنه مفرطٌ بالإقامة في هذا الوقت.

ومنهم من فرق بينهما، وقال في الحد: لا يجب الضمان؛ لأنه ثبت نصاً، وفي الختان يجب: لأنه ثبت اجتهاداً، ولأن استيفاء الحدود إلا الأئمة، والختان ليس إليه؛ لأنه يجوز لكل إنسان أن يختن نفسه، فإذا فعله الإمام-: يجب عليه مراعاة وقته، فإن لم يفعل-: ضمن.

فإن قلنا: يضمن، فكم يضمن؟ فيه وجهان:

أحدهما: يضمن جميع الدية؛ لأنه مفرط.

والثاني: يضمن نصف الدية؛ لأنه مات من واجب محظور.

فصلٌ: في الإقرار بالزنا

رُوي عن أبي هريرة قال: "جاء ماعز [بن مالك] إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله، إني قد زنيت، فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأيمن، فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأيسر، فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت، فأعرض عنه، ثم جاءه، فقال: إني قد زنيت، قال ذلك أربع مرات، فقال: أبك جنونٌ؟! قال: لا يا رسول الله، فقال: أحصنت؟ فقال: نعم، قال: فانطلقوا به، فارجموه، فانطلقوا به، فلما مسته الحجارة، أدبر يشتد فلقيه رجلٌ في يده لحى جمل، فضربه به، فصرعه فذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراره حين مسته الحجارة، قال: "فهلا تركتموه".

الزنا يثبت بالإقرار؛ كما يثبت بالشهادة، فمن أقر على نفسه بالزنى مرةً واحدة-: يقام عليه الحد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأنيس الأسلمي: "اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" ولم يشترط التكرار.

وعند أبي حنيفة: لا يحد، ما لم يُقر أربع مرات في أربع مجالس. واحتج بحديث ماعز، ولا ججة فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رده مرة بعد أخرى، لا لاشتراط التكرار، بل لشبهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015